في الأخبار القائمة على المستحبّات ، فتكون حاكمة على ما دلّ على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد ، وفي الحكومة لا تلاحظ النسبة ؛ لأنّ الترجيح لأخبار «من بلغ» لعمل المشهور بها ، مع أنّه لو قدّم ما دلّ على اعتبار الشرائط في مطلق الأخبار لم يبق لأخبار «من بلغ» مورد ، بخلاف ما لو قدّمت أخبار «من بلغ» على تلك الأدلّة ، فإنّ الواجبات والمحرّمات تبقى مشمولة لها.
ويرد عليه : أوّلا : عدم تماميّة أصل الدعوى ، يعني كون الأخبار في مقام بيان حجّية مطلق الأخبار بالنسبة إلى المستحبّات ، فإنّها بعيدة عن ظاهر أخبار «من بلغ» جدّا ، فإنّ معنى الحجّية عنده قدسسره هو إلغاء احتمال الخلاف ، وفرض مؤدّى الأمارة هو الواقع ، وهذا ينافي فرض عدم ثبوت المؤدّى في الواقع كما هو مفاد أخبار «من بلغ» بتعبيرات مختلفة ، مثل : «وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقله» ومثل : «وإن لم يكن الحديث كما بلغه» ، وعليه فأخبار «من بلغ» أجنبيّة عن إعطاء الحجّية للخبر الضعيف ، وهكذا بناء على أن تكون الحجّية بمعنى المنجّزية والمعذّرية ؛ إذ لا معنى للمعذّرية في المستحبّات إذا كان الخبر مخالفا للواقع ، فإنّ لازم ذلك عدم ترتّب الثواب في هذه الصورة ، مع أنّ الغرض في الأخبار هو ترتّب الثواب في صورة كذب الخبر.
وثانيا : أنّ مخصّصية أخبار «من بلغ» لأدلّة الحجّية إنّما يصحّ فيما إذا كان هناك تناف بين الدليلين ، ومن الواضح أنّه لا تنافي بين أن يكون خبر الثقة حجّة مطلقا ، وبين أن يكون مطلق الخبر حجّة في المستحبّات ، وعليه فلا ينجرّ الأمر إلى التخصيص.
وثالثا : أنّ حكومة أخبار «من بلغ» على أدلّة الحجّية في صورة التعارض