فيرد عليه : أوّلا : أنّ ترجيح القرينة على ذيها ليس لحكومتها عليه ، وإلّا فيمكن ادّعاء العكس ، وأنّ ذا القرينة حاكم عليها ، بل ترجيحها عليه إنّما هو من باب ترجيح الأظهر على الظاهر.
وثانيا : ما عرفت من منع حكومة إطلاق دليل القيد على إطلاق دليل المقيّد مطلقا ، بل قد عرفت أنّه قد يكون الأمر بالعكس.
وثالثا : وضوح الفرق بين المقام وبين باب القرينة وذي القرينة ، فإنّ هنا يكون في البين دليلان مستقلّان ، بخلاف باب القرينة وذي القرينة.
وقد نسب إلى الوحيد البهبهاني رحمهالله التفصيل فيما لو كان لدليل القيد إطلاق بين ما إذا كانت القيود مستفادة من مثل قوله : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» و «لا صلاة إلّا بطهور» ، وبين القيود المستفادة من مثل قوله : «اسجد في الصلاة» أو «اركع فيها» أو «لا تلبس الحرير فيها» ، وأمثال ذلك من الأوامر والنواهي الغيريّة ، فيحكم بسقوط الأمر بالمقيّد عند تعذّر القيد في الأوّل دون الثاني (١).
ومرجع هذا الكلام كما اعتقده استاذنا السيّد الإمام رحمهالله إلى ما ذكرنا من أنّ لسان دليل الجزء أو الشرط قد يكون بنحو الحكومة على دليل المركّب كما في الصورة الاولى ، وقد يكون الأمر بالعكس كما في الصورة الثانية ، ولكنّ التعبير بالحكومة لم يكن في عصره متداولا.
ولكنّ المحقّق النائيني رحمهالله قال في مقام توجيه الكلام المذكور بما ملخّصه : إنّ الأمر الغيري المتعلّق بالجزء أو الشرط مقصورة على صورة التمكّن ؛ لاشتراط كلّ خطاب بالقدرة على متعلّقه ، فلا بدّ من سقوط الأمر بالقيد عند تعذّره ، ويبقى الأمر بالباقي ، وهذا بخلاف ما لو كان القيد مستفادا من مثل قوله :
__________________
(١) المصدر السابق ٤ : ٢٥١.