جعل الحكم ، فلا يكشف عن امتناع التكليفين أو أحدهما ، كما لا يخفى.
الأمر الثالث : أنّه يستلزم اجتماع المصلحة الملزمة والمفسدة الملزمة في صلاة الجمعة ، مع أنّه لا يمكن أن يكون شيء واحد واجدا لهما معا.
ونظير ذلك أنّ وجوب شيء كاشف عن محبوبيّته للمولى ، وحرمته كاشف عن مبغوضيّته له ، والحبّ والبغض أمران واقعيّان متضادّان ، ولا يمكن اجتماعهما في شيء واحد.
وفيه : أنّ هذا في صورة وحدة العنوان ، وأمّا في صورة تعدّد العنوان فلا مانع منه ، مثل : اجتماعهما في الصلاة في الدار المغصوبة ، فما هو متعلّق الوجوب وذو مصلحة ومحبوبيّة عبارة عن نفس صلاة الجمعة بعنوانها الأوّلي ، وما هو متعلّق الحرمة وذو مفسدة ومبغوضيّة عبارة عن عنوان مقطوع الوجوب ، وتصادقهما خارجا في شيء واحد لا يوجب الاستحالة.
وذكر استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) في المسألة تفصيلا ، وهو مقتضى التحقيق ، ومحصّل كلامه قدسسره : أنّ الشارع إذا أخذ القطع بالحكم تمام الموضوع للحكم المضادّ تكون النسبة بين مقطوع الوجوب والوجوب الواقعي العموم من وجه ، ثمّ إذا انطبق كلّ واحد من العنوانين على صلاة الجمعة فقد انطبق كلّ عنوان على مصداقه ـ أعني المجمع ـ وبما أنّ الحكم المترتّب على عنوان لا يتعدّى إلى العنوان الآخر ، فلا يصير الموضوع واحدا حتّى تحصل غائلة اجتماع الضدّين ، بل ولا تسري الأحكام من عناوينها إلى مصاديقها الخارجيّة ؛ إذ الخارج ظرف السقوط لا العروض.
وأمّا إذا كان القطع جزء الموضوع فتنقلب النسبة بين العنوانين إلى العموم
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٢٢ ـ ٢٣.