وأمّا القسم الرابع ـ أي أخذ القطع بالحكم في موضوع الحكم المماثل ـ فقد ذكر في وجه استحالته الامور المذكورة في القسم الثالث :
الأوّل : ما عن صاحب الكفاية قدسسره (١) من استلزامه لاجتماع المثلين ، وهو محال.
وجوابه : أنّ الأحكام الشرعيّة امور اعتباريّة ، ولا تجري فيها مقولة التضادّ والتماثل كما عرفت.
الثاني : لزوم اجتماع المصلحتين والإرادتين على شيء واحد ، وهو محال. وجوابه ما عرفته هناك.
الثالث : لزوم اللغويّة ؛ إذ لا يترتّب على جعل الحكم المماثل فائدة ولا أثر بعد جعل الحكم المقطوع به.
وجوابه : أنّ عنوان محرّكيّته وباعثيّته محفوظ بالنسبة إلى بعض الأفراد ، فإنّ بعض المكلّفين لا يتحرّك بحكم واحد ، ولكن يتأثّر بحكمين ؛ لما يراه من كثرة التبعات وازدياد العقاب عند المخالفة ، فلذا لا مانع من نذر العمل الواجب كصلاة الصبح مثلا ، وفائدته العقلائيّة هي المحرّكيّة والباعثيّة.
والتحقيق في المسألة : هو الفرق بين كون القطع تمام الموضوع أو جزء الموضوع ، وأنّ اجتماع الحكمين المتماثلين على الأوّل ممكن وعلى الثاني ممتنع.
وأمّا القسم الخامس ـ أي أخذ القطع بالحكم في موضوع نفس ذلك الحكم ـ ففيه أقوال مختلفة :
الأوّل : ما اختاره جمع من الأعاظم ، وهو أنّه مستحيل ؛ لاستلزامه الدور المحال ، فإنّ القطع بالحكم يتوقّف على الحكم ، والحكم يتوقّف على القطع به ؛
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٥.