وحسبك داء أن
تبيت ببطنة |
|
وحولك أكباد
تحنّ إلى القدّ |
لقد كان أبو الحسن عليهالسلام ملاذا للفقراء وصديقا حميما للبؤساء ، وقد تبنّى قضاياهم في جميع مراحل حياته خصوصا في أيام خلافته ، وقد ثارت عليه الرأسمالية القرشية التي ناهضت الإسلام ، وكفرت بقيمه ومبادئه ، وبجميع ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من هدى ورحمة إلى الناس.
إنّ من أوّليات المبادئ التي آمن بها واعتنقها هي القضاء على البؤس والحرمان ، وتوزيع خيرات الله تعالى على عباده ، فلا يختصّ بها فريق دون فريق ، ولا قوم دون آخرين ، وكانت مواساته للفقراء ومساواتهم للأغنياء من الأسباب الهامّة في بغض القرشيّين له ، واندفاعهم إلى مناجزته ، ووضعهم العراقيل والسدود أمام مخطّطاته ومتطلّباته الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض.
وعلى أي حال فالإمام أوّل حاكم في الشرق العربي واسى الفقراء في آلامهم ومكارههم ، ومن ذلك أنّه نظر إلى امرأة على كتفها قربة ماء ، وكانت مجهدة لا تقوى على حملها ، فبادر إليها الإمام فأخذ القربة منها ، وحملها إلى منزلها ، وسألها عن حالها ، فقالت له : إنّ عليّا بعث زوجي إلى بعض الثغور فاستشهد فيها ، وترك صبيانا يتامى ، وليس عندي شيء أقوتهم به ، فألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس ، فانصرف الإمام عنها وهو مثقل بالأحزان ، وبات ليلته قلقا مضطربا ، فلمّا أصبح حمل زنبيلا فيه طعام للأيتام ، فرآه بعض شيعته فطلب منه أن يساعده في حمل الزنبيل عنه ، فامتنع من إجابته ، وقال له :
« من يحمل عنّي وزري يوم القيامة »؟ ومضى نحو بيت اليتامى فقرع الباب ، فخرجت له المرأة فقالت له :
ـ من أنت؟