العيون ، وتعنوا لها الجباه ، امتلأت نفوسهم رعبا ، وجثا النبيّ على الأرض مع أهل بيته فتقدّم إليه السيّد والعاقب قائلين :
يا أبا القاسم ، بمن تباهلنا؟
فأجابهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« اباهلكم بخير أهل الأرض ، وأكرمهم عند الله ـ وأشار إلى أهل بيته ـ ».
وغمرتهما موجة من الفزع والدهشة ، وانبريا يقولان :
ـ لم لا تباهلنا بأهل الكرامة وأهل الشارة والكبر ممّن آمن بك واتّبعك؟
فانطلق الرسول يؤكّد لهم أنّ أهل بيته أفضل الخلق عند الله تعالى قائلا :
« أجل ، اباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض وأفضل الخلق ».
وأيقنوا أنّ الرسول على حقّ ، وفزعوا مسرعين مذهولين إلى الاسقف زعيمهم ، فعرضوا عليه ما رأوه فأجابهم بدهشة قائلا :
ـ أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله.
وخاف الاسقف على النصارى من الهلاك والدمار إن باهل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسارع قائلا وهو يرتعد :
ـ أفلا تنظرون محمّدا رافعا يديه ينظر ما تجيئان به ، وحقّ المسيح إن نطق فوه بكلمة لا نرجع إلى أهل ، ولا إلى مال.
وملء قلبه رعبا وخوفا ، وهتف بقومه ثانيا قائلا :
ألا ترون الشمس قد تغيّر لونها ، والافق تنجع فيه السحب الداكنة ، والريح تهب هائجة سوداء حمراء ، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان ، لقد أطلّ علينا العذاب ، انظروا إلى الطير وهي تقيئ حواصلها ، وإلى الشجر كيف تتساقط