وكان ذلك اليوم مشهودا لم يمرّ على يثرب مثله ، وحينما استقرّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها أخذ يؤسّس معالم دولته الكبرى دولة التوحيد التي تبنّت القضايا المصيرية لجميع شعوب العالم وامم الأرض ، وأعلنت حقوق الإنسان ، وما يسمو به من الآداب والفضائل.
وقد وجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ولاء أهل المدينة له وتباشيرهم بقدومه ما ملأ قلبه فرحا وسرورا ، وأيقن أنه سيجد منهم أنصارا لدعوته وبناة لدولته.
ولمّا نزح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكّة إلى يثرب قام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بأداء الأمانات التي عند النبيّ ، وردّ الودائع ، وقضاء ديونه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمر مناديا ينادي بالأبطح من كانت له عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمانة فليأت ويستلم أمانته ، وبعد ما أدّى ذلك حمل السيّدات الزاكيات من الفواطم وهاجر بهنّ إلى يثرب ، فلحقه سبعة من عتاة قريش لصدّه عن السفر ، فانبرى إليهم الإمام ببسالة وعزم ، فقتل واحدا منهم ، وهرب الباقون (١).
وسار الإمام يطوي البيداء لا يلوي على شيء حتّى انتهى إلى يثرب ، وقيل إلى قبا قبل أن يدخل النبيّ إلى المدينة (٢).
ولمّا بلغ النبيّ قدوم عليّ أمر بإحضاره فقيل له إنّه لا يقدر على المشي ، فأتاه النبيّ فلمّا رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم من كثرة المشي فأخذ النبيّ من ريقه ومسح به رجليه فبرئتا ، ولم يشك بعد ذلك منهما شيئا (٣).
__________________
(١) أعيان الشيعة ٣ : ٩٢.
(٢) طبقات ابن سعد ٣ : ٢٢.
(٣) اسد الغابة ٤ : ٩٢.