عجاف ، وكانت السيّدة الزكية أمّ المؤمنين خديجة هي التي تمدّهم بما يحتاجونه من الطعام والشراب وغير ذلك من النفقات حتى أنفقت عليهم جميع ما عندها من الثراء العريض حتى فرّج الله عنهم.
وبعث الله تعالى الأرضة على صحيفتهم فأتت عليها ، ولم تترك منها كلمة سوى لفظ الجلالة ، وأحاط النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّه أبا طالب علما بذلك فخرج من الشعب إلى الحرم فاجتمع القرشيّون فقال لهم :
إنّ ابن أخي أخبرني أنّ الله أرسل على صحيفتكم الأرضة فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم ، وتركت اسم الله تعالى فأحضروها فإن كان صادقا علمتم أنّكم ظالمون لنا قاطعون لأرحامنا ، وإن كان كاذبا علمنا أنّكم على حقّ وإنّا على باطل.
فانبروا مسرعين إلى الصحيفة فوجودها كما أخبر عنها أبو طالب واشتدّت صولته ، وخاطب قريش قائلا :
إنّكم أولى بالظلم والقطيعة ، وقال في ذلك :
وقد كان في أمر
الصّحيفة عبرة |
|
متى ما يخبّر
غائب القوم يعجب |
محا الله ذكراهم
وأفنى عقوقهم |
|
وما نقموا من
ناطق الحقّ معرب |
فأصبح ما قالوا
من الأمر باطلا |
|
ومن يختلق ما
ليس بالحقّ يكذب (١) |
وأفرج الله تعالى عن نبيّه وسائر من كان معه من الهاشميّين ، فقد انبرى ابن اميّة إلى قريش فخطب فيهم خطابا بليغا ، وطلب منهم فكّ الحصار عن الهاشميّين فردّه أبو جهل ردّا عنيفا إلاّ أنّ كوكبة من قريش انضمّوا إلى زهير ودعموا مقالته فاستجابت قريش لهم ورفعوا الحصار عن النبيّ وسائر من معه.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ـ ابن الأثير ٢ : ٣٣.