قال : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٤٩) : يعني المنيع الكريم عند نفسك إذ كنت في الدنيا ، ولست كذلك. قال بعضهم : نزلت في أبي جهل ، كان يقول : أنا أعزّ قريش وأكرمها (١). قال : (إِنَّ هذا) : أي العذاب (ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (٥٠) : أي تشكّون في الدنيا أنّه كائن.
قال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ) : أي في منزل (٢) (أَمِينٍ) (٥١) : أي هم آمنون فيه من الغير. (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ).
ذكروا عن عكرمة قال : أمّا السندس فقد عرفتموه ، وأمّا الإستبرق فالديباج الغليظ. قال بعضهم : السندس يعمل بسوس العراق ، وهو الخزّ المرقوم. وتفسير الحسن أنّهما جميعا حرير. قال : يعني (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٢٣) [الحج : ٢٣].
قال : (مُتَقابِلِينَ) (٥٣) : قال بعضهم : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض. وتفسير الحسن أنّهم يقابل بعضهم بعضا على الأسرّة. وبعضهم يقول : ذلك في الزيارة إذا تزاوروا.
(كَذلِكَ) : أي هكذا (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤) : تفسيره : كذلك حكم الله لأهل الجنّة بهذا. قوله : (بِحُورٍ عِينٍ) ، وهي كلمة عربيّة. تزوّج فلان فلانة ، وفلانة فلانا. و (الحور) البيض في تفسير بعضهم. [والعين : عظام العيون] (٣). وتفسير مجاهد : الحور : اللاتي يحار فيهنّ البصر ، وينظر الناظر وجهه في جيدها.
قال : (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ) : أي يأتيهم ما يشتهون منها (آمِنِينَ) (٥٥) : أي من الموت.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) : وليس ثمّة موتة إلّا هذه الموتة الواحدة في الدنيا. وهو كقوله : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) (٥٠) [النجم : ٥٠] ، ولم يكن قبلها عاد.
قال : (وَوَقاهُمْ) : أي وصرف عنهم (عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ
__________________
(١) انظر الفرّاء ، معاني القرآن ، ج ٣ ص ٤٣ ، في سبب نزول الآية.
(٢) هذا على قراءة من قرأ (مقام) بفتح الميم ، وقرّاء المدينة يقرأون بضمّها بمعنى الإقامة.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٢٠ ، وهو جمع عيناء.