تفسير سورة (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) : أي غشي النهار وأذهب ضوءه. (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (٢) : أي إذا ظهر (١) فأذهب ظلمة الليل.
قال تعالى : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣) : أي والذي خلق الذكر والأنثى ، يعني نفسه ، وهذا كلّه قسم. (إِنَّ سَعْيَكُمْ) : يعني سعي المؤمن وسعي الكافر ، أي عملهما (لَشَتَّى) (٤) : أي لمختلف.
قال عزوجل : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) (٦) : أي بالثواب ، وهي الجنّة (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) : أي لعمل أهل الجنّة.
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) : أي بما عنده أن يتقرّب به إلى ربّه (وَاسْتَغْنى) (٨) : أي عن ربّه (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) (٩) : أي بالثواب وهي الجنّة.
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) : أي لعمل النار ، أي ببخله وتكذيبه.
ذكروا عن جندب بن عبد الله قال : لا فقر بعد الجنّة ، ولا غنى بعد النار ؛ إنّ النار لا يفدى أسيرها ، ولا يستغني فقيرها.
قال عزوجل : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١) : أي في القبر إذا مات. وقال بعضهم : إذا تردّى في النار ، إذا هوى فيها.
قال تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (١٢) : أي : تبيين سبيل الهدى وسبيل الضلالة. قال تعالى : (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) (١٣) : أي الدنيا.
قال : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤) : أي تتأجّج (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦) : يعني بالذي كذّب المشرك ، وبالذي تولّى المنافق ، أي : تولّيا عن طاعة الله (٢).
__________________
(١) في ق وع : «إذا تجلّى الليل» ، وهو خطأ ، أثبتّ تصحيحه من ز.
(٢) كذا في ق وع ، وهذا من كلام الشيخ هود الهوّاريّ ولا شكّ. وجاء في ز ورقة ٣٩٤ : (الَّذِي كَذَّبَ ـ