تفسير سورة الذاريات ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١) : أي الرياح. قال الله عزوجل : (فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ) [الكهف : ٤٥]. وذروها جريها. قال عزوجل : (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (٣٦) [سورة ص : ٣٦].
قوله عزوجل : (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) (٢) : أي السحاب [تحمل الوقر من الماء] (١) قال : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) [الأعراف : ٥٧] أي التي فيها الماء.
قوله عزوجل : (فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٣) : أي السفن تجري بتيسير الله. كقوله : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) [يونس : ٢٢] ، وكقوله : (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) (١١) [الحاقّة : ١١].
قوله عزوجل : (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) (٤) : أي الملائكة (٢).
ذكر بعضهم قال : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) : الرياح ، (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) : السحاب ، (فَالْجارِياتِ يُسْراً) : السفن ، (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) : الملائكة. وهذا قسم ، أقسم بهذا كلّه.
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ) (٥) : يعني البعث (وَإِنَّ الدِّينَ) : أي الحساب (لَواقِعٌ) (٦) : أي لكائن.
قال تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) (٧) : والحبك استواؤها وحسنها. ويقال منه : حبك الماء إذا هاجت الريح ، ومنه : حبك الزرع إذا أصابته الريح ، ومنه حبك الشعر الجعد (٣). وهي موج مكفرف ، أي السماء. وهذا قسم.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٣٧.
(٢) قال الفرّاء في المجاز ، ج ٣ ص ٢٨ : «الملائكة تأتي بأمر مختلف ؛ جبريل صاحب الغلظة ، وميكائيل صاحب الرحمة ، وملك الموت يأتي بالموت ، فتلك قسمة الأمور».
(٣) قال الفرّاء : «الحبك تكسّر كلّ شيء ... وواحد الحبك : حباك وحبيكة». وانظر مجاز أبي عبيدة ، ج ٢ ص ٢٢٥.