تفسير سورة ن ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ) : ذكروا عن الحسن قال : نون : الدواة (وَالْقَلَمِ) : هذا القلم الذي يكتب به. وتفسير الكلبيّ : القلم الذي يكتب به الملائكة الذكر وأعمال العباد.
قوله : (وَما يَسْطُرُونَ) (١) : أي وما يكتبون ، يعني الملائكة (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (٢).
ذكروا أنّ عليّا قال : (الر) و (حم) و (ن) : الرحمن. وبعضهم يقول : (ن) الحوت الذي عليه قرار الأرض. أقسم بهذا كلّه للنبيّ عليهالسلام (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) لقول المشركين : إنّه مجنون. ومقرأ العامّة : (ن) بالوقف والإسكان. ووقع القسم على القلم وما يسطرون ، وبعضهم يجرّ (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) ويحمله كلّه على القسم.
قال تعالى : (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً) : أي ثوابا ، يعني الجنّة (غَيْرَ مَمْنُونٍ) (٣) : أي غير محسوب ، في تفسير مجاهد. وتفسير الحسن : غير ممنون عليك منّ أذى (١).
قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) : أي لعلى دين عظيم ، يعني الإسلام.
ذكروا عن سعيد بن هشام عن عائشة قالت : كان خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم القرآن. قالت : والقرآن فيه الدين.
قال : (فَسَتُبْصِرُ) : أي يوم القيامة (وَيُبْصِرُونَ) (٥) : يعني المشركين (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (٦) : أي : بأيّكم الشيطان ، والشيطان مفتون في تفسير مجاهد. أي : سيبصرون يوم القيامة أنّك كنت المهتدي وأنّهم الضّلّال. (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أي [أيّكم الضالّ في تفسير الحسن ؛ يجعل الباء صلة] (٢). والمفتون الضالّ.
__________________
(١) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٧٣ : «غير مقطوع». وقال ابن قتيبة : «غير مقطوع ولا منقوص. يقال : مننت الحبل إذا قطعته». وبهذا اللفظ الأخير أورده ابن أبي زمنين في ز ، ورقة ٣٦٨.
(٢) زيادة من ز ورقة ٣٦٨ : «يجعل الباء صلة» ، أي زائدة. وقال ابن قتيبة : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أي : أيّكم المفتون ، ـ