تفسير سورة حم السّجدة (١) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (حم) (١) : قد فسّرناه في حم المؤمن. (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢) : يعني القرآن. (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) : أي فسّرت آياته بالحلال والحرام والأمر والنهي. (قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣) : أي يؤمنون.
(بَشِيراً وَنَذِيراً) : أي بشيرا بالجنّة ونذيرا من النار (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) : أي عنه (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٤) : أي لا يسمعون الهدى سمع قبول.
(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) : أي في غلف. وقال مجاهد : على قلوبنا أكنّة كالجعبة للنّبل (مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) : يا محمّد ، فلا نفعله (٢) (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) : أي صمم عنه فلا نسمعه. (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) : فلا نفقه ما تقوله. (فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) (٥) : أي فاعمل على دينك ، إنّنا عاملون على ديننا (٣).
قال الله تعالى للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ) : أي إنّما أنا بشر مثلكم ، غير أنّه يوحى إليّ (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) بالتوحيد والعمل الصالح (وَاسْتَغْفِرُوهُ) : أي من الشرك والنفاق والعمل السوء.
(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) (٦) : أي في النار (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : أي لا يوحّدون الله ولا يعملون الصالحات (٤). (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٧). وهي مثل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ
__________________
(١) جاء اسم السورة في ق هكذا : «سورة فصّلت» ، وفي ع : «سورة السجدة» ، كما في معاني الفرّاء ، وفي ز وتفسير الطبريّ ومجاز أبي عبيدة ومخطوطة تفسير ابن قتيبة : «سورة حم السجدة».
(٢) كذا في ق وفي ع : «فلا نفعله» ، وجاءت الكلمة مطموسة في ز ، ويبدو أنّ صوابها : «فلا نعقله».
(٣) كذا في ق وع : «اعمل على دينك» ، وفي ز : «اعمل بدينك إنّا عاملون على ديننا». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٢ : «يقول : بيننا وبينك فرقة في ديننا ، فاعمل في هلاكنا إنّا عاملون في ذلك منك ، ويقال : فاعمل بما تعلم من دينك فإنّنا عاملون بديننا».
(٤) كذا جاء تأويل هذه الآية في ق وع ، وفي ز : «لا يوحّدون الله». وقال الفرّاء في المعاني : «والزكاة في هذا الموضع : أنّ قريشا كانت تطعم الحاجّ وتسقيهم ، فحرموا ذلك من آمن بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ فنزل هذا فيهم ، ثمّ ـ