تفسير سورة التين ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (١) : قال بعضهم : التين جبل دمشق ، والزيتون جبل بيت المقدس. وقال الكلبيّ : تينكم هذا وزيتونكم هذا.
قوله عزوجل : (وَطُورِ سِينِينَ) (٢) : الطور : الجبل ، و (سِينِينَ) : الحسن ، أي : الجبل الحسن. وقال مجاهد : (سِينِينَ) : المبارك. وقال الحسن : هو الجبل الذي نادى الله منه موسى.
قال عزوجل : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣) : أي الآمن ، أي : الحرام يعني مكّة. يقول : إنّكم تأمنون فيه من القتل والسباء ، والعرب يقتل بعضهم بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا ، وأنتم آمنون من ذلك. وكان هذا قبل أن يؤمر النبيّ عليهالسلام بقتل المشركين ، ثمّ أمر بقتالهم بالمدينة.
قال عزوجل : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) : أي في أحسن صورة. وقال مجاهد : في أحسن الخلق. أقسم بهذا كلّه من أوّل السورة إلى هذا الموضع.
قال تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥) : أي جهنّم ، ويعني بالإنسان هاهنا المشرك. وقال بعضهم : (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) أي : الشباب ، (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) يعني الهرم (١). وقال الكلبيّ : (أَسْفَلَ سافِلِينَ) أي : الهرم ، يعني مثل قوله : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) [يس : ٦٨] ، فيصير مثل الصبيّ الذي لا يعقل شيئا.
قال تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : استثننى من آمن [وعمل صالحا] (٢).
(فَلَهُمْ أَجْرٌ) : أي ثواب (غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٦) : أي غير محسوب ، في تفسير مجاهد ، وهو الجنّة. وقال الحسن : غير ممنون عليهم منّ أذى (٣).
__________________
(١) وهذا ما اختاره الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٧٦. قال : «يقول : إنّا لنبلغ بالآدميّ أحسن تقويمه ، وهو اعتداله واستواء شبابه ، وهو أحسن ما يكون ، ثمّ نردّه بعد ذلك إلى أرذل العمر ...».
(٢) زيادة لا بدّ منها يقتضيها سياق الآية.
(٣) وقيل أيضا : «غير مقطوع ولا ممنوع».