تفسير سورة نوح (١) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١) : أي موجع.
(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) : أي يغفر لكم ذنوبكم (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي إلى موتكم فيكون موتكم بغير عذاب. وإن لم تؤمنوا أخذكم العذاب في الدنيا والآخرة.
قال تعالى : (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) : يعني يوم القيامة ، جعله الله أجلا للعباد يبعثون فيه ، إذا جاء لا يؤخّر ، وهو تفسير الحسن. وقال مجاهد : حضور الأجل ؛ فإذا جاء الأجل لا يؤخّر.
قال : (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤) لعلمتم أنّ القيامة جائية.
فكذّبوا نوحا ف (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) (٦) : أي عن الإيمان. (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ) : أي كلّما دعوتهم أن يستغفروا من الشرك فيؤمنوا فتغفر لهم أبوا ، و (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) : أي يتولّون ويكرهون ذلك بمنزلة من لا يسمع (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) : أي غطّوا رءوسهم لكيلا يسمعوا دعائي إيّاهم إلى الإيمان (وَأَصَرُّوا) : أي أقاموا على الكفر (وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (٧) : أي عن عبادة الله.
قال تعالى : (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) (٨) : أي مجاهرة (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) (٩) : [أي : خلطت دعاءهم في العلانية بدعاء السرّ] (٢) (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) : أي من شرككم وآمنوا به (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (١٠) : أي لمن تاب (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (١١) : أي تدرّ عليكم بالمطر.
__________________
(١) كذا في ق وع. وفي ز : «سورة إنّا أرسلنا نوحا».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٤.