تفسير سورة القارعة ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ) (٢) : يعظّمها بذلك ، وهي اسم من أسماء القيامة. قال تعالى : (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) (٤) : أي كالفراش المبسوط في تفسير الحسن. وقال الكلبيّ : الذي يجول بعضه في بعض. وذكروا أقوالا في الفراش : قال جماعة من العلماء : الفراش : الدّبى (١) ؛ شبّه الناس به يوم القيامة. وقال بعضهم : الفراش هو ما تساقط في النار من البعوض ، وهو قول الشاعر :
مثل الفراشة والمصباح لاح لها |
|
لم تستطع دونه خوفا ولا خرقا (٢) |
قال تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٥) : أي : كالصوف المنفوش ، وهو أضعف الصوف [قال يحيى : وهي في قراءة ابن مسعود : كالصوف الأحمر المنفوش] (٣).
قال تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) (٦) : وهو المؤمن ، فإنّما تثقل بالعمل الصالح (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٧) : أي معيشة راضية ، أي : قد رضيها ، وهي الجنّة (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) (٨) : وهو المشرك والمنافق. وإنّما تخفّ الموازين بالعمل السيّء.
(فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٩) : أي فمسكنه هاوية. قال تعالى : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ) (١١) : أي حارّة.
* * *
__________________
(١) وردت هذه الكلمات هكذا في ق وع : «الدباشم الناس» ، وهو مسخ غريب! والصحيح ما أثبته. والدّبى : الجراد قبل أن يطير ، وهو ما فسّره به الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٨٦ : قال : «يريد كغوغاء الجراد يركب بعضه بعضا ، كذلك الناس يومئذ يجول بعضهم في بعض».
(٢) لم أعثر على البيت ولا على قائله ، ولست مطمئنّا على صحّة الكلمتين الأخيرتين كما وردتا في ق وع.
(٣) زيادة من ز ورقة ٣٩٧.