تفسير سورة ص وهي مكّيّة كلّها (١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (ص) : قال بعضهم : يعني صادق ، كقوله : (كهيعص) (١) [مريم : ١] أي كاف ، هاد ، عالم ، صادق. (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (١) : أي الذكر فيه ، والذكر : البيان.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) (٢) : وهذا قسم ، أي : (والقرءان ذي الذّكر بل الذين كفروا في عزّة وشقاق) أي في تعزّز وفراق للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وما جاء به. وقال بعضهم : (وشقاق) أي : اختلاف.
قال : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي من قبل قومك يا محمّد (مِنْ قَرْنٍ) : أي من أمّة (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣) : أي فكذّبوا رسلهم فجاءهم العذاب ، فنادوا بالتوبة وبأن قالوا : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (١٤) [الأنبياء : ١٤] وفرّوا من قريتهم.
وهو كقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) (٨٤) قال الله : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) [غافر : ٨٤] أي : عذابنا ، وكقوله : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) أي مشركة (وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) (١٢) أي يفرّون (لا تَرْكُضُوا) يقول : لا تفرّوا (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) (١٣) أي : من دنياكم (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (١٤) [الأنبياء : ١١ ـ ١٤].
قال : (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) أي : ليس حين فرار ، ولا حين تقبل التوبة [فيه] (٢).
__________________
(١) يبتدئ من هذه السورة الربع الأخير من تفسير القرآن الكريم المنسوب للشيخ هود بن محكّم الهواري. وأنا أحقّقه في هذه الأوراق الأولى من مخطوطة واحدة ، هي مخطوطة ع ، لأنّ مخطوطة ق لا تبتدئ في هذا الربع إلّا من قوله تعالى في سورة الزمر ، الآية ٥٠ : (قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ). وأقابل هاتين المخطوطتين بمصوّرة مخطوطة ابن أبي زمنين ، وفيها مختصر تفسير ابن سلّام.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٢٩١.