تفسير سورة (سَأَلَ سائِلٌ) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ) : العامّة يقرأونها بالهمز ، ويقولون : هو من باب السؤال. وتفسير الحسن أنّ المشركين سألوا النبيّ عليهالسلام : لمن هذا العذاب الذي تذكر ، يا محمّد ، أنّه يكون في الآخرة؟ فقال الله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ) : أي عن عذاب (واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ).
وتفسير الكلبيّ : إنّه النضر بن الحارث ، أخو بني عبد الدار قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢) [الأنفال : ٣٢]. قال : فقتل يوم بدر ، وله في الآخرة عذاب أليم.
وبلغنا عن عبد الرحمن (١) أنّه كان يقرؤها : (سَأَلَ سائِلٌ) من باب السيلان. قال هو واد من نار يسيل بعذاب واقع للكافرين.
قال تعالى : (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ) يدفعه (ذِي الْمَعارِجِ) (٣) : أي ذي المراقي إلى السماء (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في حديث ليلة أسري به لمّا أتى بيت المقدس على البراق : أتي بالمعراج ، فإذا هو أحسن خلق الله. ألم تر إلى الميّت حيث سوّى بصره ، فإنّما يتبع المعراج عجبا به. قال : فقعدنا فيه ، فعرج بنا حتّى انتهينا إلى باب الحفظة ، فذكر ما رأى في تلك الليلة في السماء (٢).
قال تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (٤) : ذلك يوم القيامة.
وقوله : (مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أي : لو كلّفتم القضاء فيه بين الخلائق لم تفرغوا فيه منه في
__________________
(١) هي قراءة عبد الرحمن بن زيد كما ذكره القرطبيّ والطبريّ في تفسيرهما. وممّن قرأ بغير همز نافع وابن عامر ، كما ذكره الداني في التيسير ، ص ٢١٤. ولهذه القراءة بغير همز وجهان : الوجه الأوّل هو أنّ (سال) لغة في سأل ، بتخفيف الهمزة وقلبها مدّا ، فهي بمعنى السؤال ، والوجه الثاني أنّها من السيلان ، وهو واد في جهنّم كما ذكر.
(٢) انظر الإشارة إليه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء ، في أحاديث الإسراء والمعراج.