تفسير سورة الزمر ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١) : يعني القرآن ؛ أنزله مع جبريل على محمّد صلىاللهعليهوسلم.
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (٢) : أي لا تشرك به شيئا. (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) : أي الإسلام.
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) : أي يتّخذونهم آلهة يعبدونهم من دون الله. (ما نَعْبُدُهُمْ) : يقول والذين اتّخذوا من دون الله أولياء (ما نَعْبُدُهُمْ) فيها إضمار ؛ وإضمارها : قالوا : ما نعبدهم ، وهي قراءة الأعمش. (إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) : والزلفى القربة. زعموا أنّهم يتقرّبون إلى الله بعبادة الأوثان لكي يصلح لهم معايشهم في الدنيا ، وليس يقرّون بالآخرة.
قال مجاهد : [هذا قول] (١) قريش ، تقوله لأوثانهم ، ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزير.
قال : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : أي يحكم بين المؤمنين والمشركين يوم القيامة ، فيدخل المؤمنين الجنّة ، ويدخل المشركين النار. قال : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) (٣) : يعني من مات على كفره.
قوله : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى) : أي لاختار (مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه أن يكون له ولد (هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٤) : الذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك. والقهّار الذي قهر العباد بالموت وبما شاء من أمره. (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) : أي للبعث والحساب والجنّة والنار.
(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) : أي يختلفون. وبعضهم يقول : هو مثل قوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) [الحديد : ٦] ، يعني أخذ كلّ واحد منهما من صاحبه. (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : أي إلى يوم
__________________
(١) زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٥٥٥.