تفسير سورة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) : هذا أوّل ما كلّم جبريل النبيّ عليهالسلام حين تبدّى له. قال له : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ..). إلى قوله : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (١). ذكروا أنّ هذه السورة أوّل سورة نزلت على محمّدعليهالسلام.
قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) : وهو الكتاب (٢) بالقلم. (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٥).
قال تعالى : (كَلَّا) : [قال الحسن : معناها حقّا] (٣) (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٧) : قال بعضهم : هو أبو جهل بن هشام. وتفسير الكلبيّ : (لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) يعني : ليرتفع من منزلة إلى منزلة.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو أنّ لابن آدم واديين ملئا مالا لابتغى إليهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ، ثمّ يتوب الله على من تاب (٤).
قال تعالى : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (٨) : أي المرجع يوم القيامة.
قال الله عزوجل : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى) (١٠) : نزلت في أبي جهل ؛ كان ينهى النبيّ عليهالسلام عن الصلاة (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) (١١) : يعني النبيّ عليه
__________________
(١) كذا في ق وع وفي ز. «إلى قوله : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) والصحيح الذي عليه جمهور المحقّقين من المفسّرين وكتّاب السيرة أنّ أولى الآيات نزولا كانت خمسا ، وتنتهي بقوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ). انظر مثلا : حديث عائشة المتّفق عليه في صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (رقم ١٦٠).
(٢) أي : علّم الكتابة بالقلم. يقال : كتب كتبا وكتابا وكتابة.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٩٦.
(٤) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الرقاق ، باب ما يتّقى من فتنة المال ، عن ابن عبّاس وأنس بن مالك. وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة ، باب لو أنّ لابن آدم واديين لابتغى ثالثا ، عن أنس بن مالك (رقم ١٠٤٨) ، وعن ابن عبّاس (رقم ١٠٤٩) وأخرجه ابن ماجه والترمذيّ وغيرهم.