تفسير سورة (وَالْعادِياتِ) ، وهي مكّيّة كلّها ، وقيل : إنّها مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (وَالْعادِياتِ) : وهي الخيل في تفسير ابن عبّاس. وقال عليّ : هي الإبل (١). قال عزوجل : (ضَبْحاً) (١) : وضبحها أنفاسها إذا جرت. قال : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) (٢) : أي تصيب الحجارة بحوافرها فتخرج منها النار. قال تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) (٣) : قال الحسن : هي الخيل تغير على العدوّ إذا أصبحت.
[قال أنس بن مالك : إنّ قوما كان بينهم وبين النبيّ عليهالسلام عهد فنقضوه ، وهم أهل فدك. فبعث إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيله فصبّحوهم ، وهم الذين أنزل الله فيهم (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً)] (٢).
قال عزوجل : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) (٤) : أي تثير الغبار بحوافرها.
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) : قال الحسن : تغير صبحا فتتوسّط العدوّ. وقال بعضهم : غداة جمعها (٣). وقال عكرمة (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) قال : الأسنّة في الحروب. وهذا كلّه قسم.
(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٦) : تفسير العامّة : الكنود : الكفور ، وهي بلسان ربيعة ، الكفور للنعمة ، الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويجيع عبده ، ولا يعطي النائبة في قومه.
وقال الحسن : هو الذي يلوم ربّه ، ويستبطئ الإجابة. وتفسير عمرو عن الحسن : إنّه المشرك ؛ وهو مثل قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا
__________________
(١) اقرأ في تفسير الطبريّ ، ج ٣٠ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣ حوارا بين عليّ وابن عبّاس في المقصود بالعاديات في الآية ، ونزوع ابن عبّاس عن قوله : إنّها الخيل ، ورجوعه إلى قول عليّ : إنّها الإبل. وكيف رجّح الطبريّ القول بأنّها الخيل ، معتمدا على الدليل اللغويّ. فإنّ الضبح يكون من الخيل لا من الإبل ، وإنّ القدح بسنابك الخيل أقوى منه بأخفاف الإبل.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٩٧.
(٣) في ق وع : «عداه جمعها» ، والصحيح ما أثبتّه : «غداة جمعها» ، كما في بعض التفاسير ، وجمع هي مزدلفة. وهذا على قول من فسّر العاديات بالإبل.