تفسير سورة المطفّفين ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) في الآخرة يدعون بالويل والثبور في النار. وهم المشركون والمنافقون المطفّفون في المكيال والميزان. بلغنا أنّها نزلت في مشركي أهل مكّة ، عابهم الله بتطفيفهم. وقد عاب المشركين بأعمالهم الخبيثة في شركهم في مواضع من القرآن.
قال تعالى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (٣) : أي ينقصون. (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٦) : [قال بعضهم] (١) : بلغنا أنّهم يقومون ثلاثمائة سنة من قبل أن يفصل بينهم.
قوله : تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) : أي المشركين والمنافقين (لَفِي سِجِّينٍ) (٧) : قال الحسن : لفي سفال (٢). وقال كعب : حجر أسود تحت الأرض السابعة لا يصعد (٣).
[قال تعالى : (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ) (٨) : أي ليس ذلك ممّا كنت تعلمه أنت ولا قومك ، ثمّ فسّره فقال : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) (٩) : أي مكتوب] (٤).
قال تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) : يعني يوم القيامة (لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (١١) : أي : بيوم الحساب ، يوم يدين الله فيه الناس بأعمالهم.
قال تعالى : (وَما يُكَذِّبُ بِهِ) : أي بيوم القيامة الذي فيه الحساب (إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ) : أي
__________________
(١) زيادة لا بدّ منها ، لأنّ القول ليحيى بن سلّام. وجاءت العبارة في ز ورقة ٣٨٨ هكذا : «يحيى بلغني أنّهم ...».
(٢) كذا : «سفال» ، وهو السفل ، نقيض العلوّ والعلاء. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٨٩ : (لَفِي سِجِّينٍ) في حبس ، فعّيل من السجن ، كما يقال : فسّيق من الفسق». وانظر كيف رجّح ابن كثير في تفسيره ، ج ٧ ص ٢٣٩ أصل هذا المعنى الأخير ، وتلطّف فجمع بينه وبين قول كعب التالي.
(٣) كذا في ق وع ، وفي ز : «حجر أسود تحت الأرض السابعة تكتب فيه أرواح الكفّار». (كذا).
(٤) سقطت هاتان الآيتان وتفسيرهما من ق وع ، فأثبتّهما بين معقوفين من ز ، ورقة ٣٨٨.