تفسير سورة التغابن ، وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢) : أي إنّ منكم من سيكون كافرا ومنكم من سيكون مؤمنا. وهو كقوله : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٣) [الإنسان : ٣].
ذكروا عن ابن مسعود أنّه قال : الشقيّ من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من وعظ بغيره.
قال تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) : أي للبعث والحساب والجنّة والنار. (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٣) : أي يوم القيامة.
(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٤) : أي بما في الصدور.
قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي خبر الذين كفروا (مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) : أي عقوبة أمرهم ، يعني العذاب الذي عذّب به الأمم السالفة في الدنيا حين كذّبوا رسلهم. يحذّر المنافقين أن ينزل بهم ما نزل بمن كفر قبلهم.
قال تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٥) : أي موجع ، يعني عذاب جهنّم مع عذاب الدنيا (١).
قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) : أي إنكارا لذلك ، وهو مثل قولهم : (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤) [الإسراء : ٩٤] أي : لم يفعل. قال : (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) : أي عن طاعة الله.
قال : (وَاسْتَغْنَى اللهُ) : أي عنهم (وَاللهُ غَنِيٌّ) : عن خلقه (حَمِيدٌ) (٦) : أي : استحمد إلى خلقه ، أي : استوجب عليهم أن يحمدوه.
قوله عزوجل : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ) يا محمّد (بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ) :
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز : «بعد عذاب الدنيا».