أي يوم القيامة (ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) : أي يوم القيامة ، يجتمع فيه الخلائق أهل السماوات وأهل الأرض (١) ، وهو تبع للكلام الأوّل ليبعثنّكم يوم يجمعنّكم ليوم الجمع (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) : أي يتغابنون في المنازل عند الله ، فريق في الجنّة ، وفريق في السعير. أي غبن أهل الجنّة أهل النار (٢).
قال تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : أي لا يموتون ولا يخرجون أبدا (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩) : أي النجاة العظيمة من النار إلى الجنّة.
قال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها) : لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٠).
قوله عزوجل : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : أي بقضاء الله (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) : أي إن أصابته مصيبة سلّم ورضي وعلم أنّها من الله. قال : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١١). ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قضاء الله خير لكلّ مسلم : إن أعطاه شكر ، وإن ابتلاه صبر (٣).
قال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) : أي عن الإيمان (فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٢) : أي ليس عليه أن يكرههم على الإيمان ، أي : إنّ الله يهدي من يشاء. قال تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٣).
__________________
(١) اللام في قوله : (لِيَوْمِ الْجَمْعِ) يجوز أن تكون للتعليل ، ويجوز أن تكون بمعنى (في) ، ورجّح ابن عاشور أن تكون للتوقيت ، فقال في التحرير والتنوير ، ج ٢٨ ص ٢٧٤ : «والأحسن عندي أن يكون اللام للتوقيت ، وهي التي بمعنى (عند) كالتي في قولهم : كتب لكذا مضين مثلا. وقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، وهو استعمال يدلّ على شدّة الاقتراب ، ولذلك فسّروه بمعنى : عند ، ويفيد هنا أنّهم مجموعون في الأجل المعيّن دون تأخير ردّا على قولهم : (لَنْ يُبْعَثُوا) ...».
(٢) أوجز المؤلّف هنا تفسير التغابن ، وقد فصّله القرطبيّ بوجوهه في تفسيره ، ج ١٨ ص ١٣٦ ـ ١٣٨. وانظر : ابن عاشور ، التحرير والتنوير ، ج ٢٨ ص ٢٧٥ ـ ٢٧٧.
(٣) انظر الإشارة إليه فيما مضى ، ج ٢ ، تفسير الآية ١١٢ من سورة التوبة.