تفسير سورة (أَلْهاكُمُ) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١) : أي في الدنيا عن الآخرة ، وهو التكاثر في المال والولد. ذكروا عن مطرف بن عبد الله عن أبيه أنّه دخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسمعه يقرأ هذه الآية : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) فقال : يقول ابن آدم مالي مالي. وما لك من مالك يا ابن آدم إلّا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأمضيت ، وهو أنفع لو دريت (١). ذكروا عن أبي الدرداء قال إذا مات ابن آدم قالت الملائكة ما قدّم ، وقال بنو آدم ما ترك.
قوله عزوجل : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) : أي حتّى متّم. (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) : وهذا وعيد بعد وعيد.
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥) : أي إنّ علمكم ليس بعلم اليقين ، يعني المشركين ، وإنّ علم المؤمنين هو علم اليقين.
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٦) : أي لتصيرنّ في علم المؤمنين إلى الجحيم ، وهو علم اليقين بأنّكم سترون الجحيم ، أي النار (٢). (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧) : أي بالمعاينة (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٨). قال الحسن : قال الله تعالى : يا ابن آدم ، طعام يقوتك ، وثوب يواريك ، وبيت يكنّك. وما سوى ذلك حاسبتك به (٣).
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه مسلم في أوّل كتاب الزهد والرقائق عن مطرف بن عبد الله بن الشخير (رقم ٢٩٥٨) ، وعن أبي هريرة (رقم ٢٩٥٩) ، كما أخرجه الترمذيّ عن مطرف عن أبيه في باب الزهادة في الدنيا ، وقال : هذا حديث حسن صحيح.
(٢) جاءت العبارة في ق وع مضطربة ، وفيها تكرار ، فصحّحتها قدر الإمكان.
(٣) كذا في ق وع. وجاء في ز ورقة ٣٩٨ بدلا من قول الحسن ما يلي : «يحيى عن خالد عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ثلاث ليس لك منهنّ بدّ ، وليس عليك فيهنّ تبعة : بيت يكنّك ، وثوب تواري به عورتك ، وطعام تقيم به صلبك». وقد أورد هذا الحديث الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٨٨ بدون سند ، وذكره القرطبيّ في تفسيره ، ج ٢٠ ص ١٧٦ من رواية أبي نعيم عن أبي عسيب مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم باختلاف في ألفاظه ، ونسبه الطبريّ في تفسيره ، ج ٣٠ ص ٢٨٩ للحسن وقتادة.