تفسير سورة القيامة ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) : هذا قسم ، وهي كلمة عربيّة : أقسم ، ولا أقسم واحد. أراد القسم (١).
قال : (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٢) : ذكروا عن الحسن أنّها نفس المؤمن ، لا تلقاه إلّا وهو يلوم نفسه ، ويقول : ماذا أردت بكلامي ، وما أردت بحديث نفسي ، فلا نلقاه إلّا وهو يعاتبها [يندم على ما فات ويلوم نفسه] (٢).
قوله عزوجل : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) : وهو المشرك (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٣) : أي أن لن نبعثه. (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤).
قال عمر بن عبد العزيز : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ) مفاصله. يعني البعث.
وهو مثل قوله : (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (١٢) [الأنفال : ١٢] أي : كلّ مفصل. وقال بعضهم : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أي أصابعه فيجعلها مثل خفّ البعير أو كحافر الدابّة ، يعني في الدنيا. وتفسير مجاهد : كخفّ البعير فلا يعمل بها شيئا. قال تعالى : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) : وهو المشرك (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) (٥) : قال الحسن : فلا تلقاه إلّا يمضي قدما ، لا يعاتب نفسه كما يعاتبها المؤمن. ذكروا عن عمرو عن الحسن قال : يمضي على فجوره حتّى يلقى ربّه (٣).
قال تعالى : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) (٦) : أي متى يوم القيامة الذي كذّب به المشرك ؛ يقول ليست بجائية.
__________________
(١) انظر وجوه معاني «لا» وإعراب (لا أُقْسِمُ) في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٢٠٧ ، وكشّاف الزمخشريّ ، ج ٤ ص ٦٥٨ ـ ٦٥٩.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٩.
(٣) وجاء في معاني الفرّاء ما يلي : «عن سعيد بن جبير في قوله : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) قال : يقول : سوف أتوب ، سوف أتوب. وقال الكلبيّ : يكثر الذنوب ويؤخّر التوبة».