(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧) : أي إذا شخص لإجابة الداعي. كقوله : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) [إبراهيم : ٤٣].
قال الكلبيّ : (بَرِقَ الْبَصَرُ) ، أي : عجب فلا يطرف لمّا نظر إلى السماء ، فقد تمزّقت من كلّ جانب ، وهي محمرّة كالدهان ، والملائكة على حافاتها وهي تطوى ، وقد طمست نجومها ، وخسفت شمسها ، ودرست أعلامها ، وأظهرت الملائكة أسارير المجرم بيّنة الندامة ، فهو شاخص البصر مخلوع القلب ، معلّقة روحه في حنجرته لا هي تخرج ولا هي ترجع. قال مجاهد : ذلك عند الموت.
قال : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨) : أي ذهب ضوءه (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩) : قال الحسن : أذهبا جميعا. وهو قول مجاهد ؛ قال : كوّرا يوم القيامة. وبعضهم يقول : حين تطلع الشمس والقمر من المغرب كالبعيرين المقرونين.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الشمس والقمر ثوران عقيران في النار (١) قال بعضهم : أي : يمثلان في النار لمن عبدهما ، يوبّخون بذلك. قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الحج : ١٨].
قال : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) (١٠) قال عزوجل : (كَلَّا لا وَزَرَ) (١١) : أي لا جبل ولا ملجأ يلجأون إليه. قال الحسن : كلّا ، لا جبل ولا حرز. وكانت العرب إذا أتاها الأمر قالوا : الجبل الجبل ، فيحترزون به. وقال مجاهد : لا ملجأ.
قال الله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١٢) : أي المرجع.
قال تعالى : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣) : وهو مثل قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥) [الانفطار : ٥].
__________________
(١) في ق وع : «الشمس والقمر نوران عفيران في الثرى» ، وسقطت كلمة «نوران» من ق. وفيهما تصحيف وفساد ، صواب الحديث ما أثبتّه. والحديث صحيح أخرجه البخاريّ في كتاب بدء الخلق ، باب صفة الشمس والقمر. عن أبي هريرة. انظر : فتح الباري ، ج ٦ ص ٢٩٩ ـ ٣٠٠. وفي رواية للطيالسيّ في مسنده عن أنس مرفوعا : «إنّ الشمس والقمر ثوران عقيران في النار». والشرح الذي أورده المؤلّف هنا عن بعضهم يؤيّد هذه العبارة الصحيحة.