تفسير سورة (أَرَأَيْتَ الَّذِي) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (١) : أي بالحساب ، وهو المشرك لا يقرّ بالبعث وبأنّ الله يدين الناس يوم القيامة بأعمالهم.
قال : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (٢) : أي يدفعه عن حقّه (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (٣) : وذلك أنّ المشركين كانوا يقولون : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) [يس : ٤٧].
قال تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (٤) : وهم المنافقون (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) (٥). تفسير الحسن : هم المنافقون ، إن صلّوها لم يرجوا ثوابها ، وإن تركوها لم يخشوا عقابها. وقال بعضهم : هم الذين يؤخّرونها عن وقتها (١).
(الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) (٦) : تفسير عمرو عن الحسن : لا يصلّونها في السرّ ويصلّونها في العلانية ، يراءون بها المؤمنين. قال تعالى : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) (٧) : والماعون الزكاة. [وتفسير بعضهم : الماعون : القدر والدلو والرحى والفأس وما أشبه ذلك] (٢).
* * *
__________________
(١) هذا قول نسبه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٣٠ ص ٣١١ ـ ٣١٢ إلى سعد بن أبي وقّاص وإلى ابن عبّاس ، ثمّ أورد حديثا من رواية مصعب عن أبيه سعد بن أبي وقّاص قال : سألت النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) قال : «هم الذين يؤخّرون الصلاة عن وقتها». وانظر : السيوطيّ ، الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ٤٠٠. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٩٥ : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) يقول : لاهون. كذلك فسّرها ابن عبّاس وكذلك رأيتها في قراءة عبد الله». وهذا المعنى أقرب إلى الصواب ، فإنّ المصلّي إذا لها عن صلاته أخّرها عن وقتها.
(٢) زيادة من ز ورقة ٣٩٩. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٩٥ : «وحدّثني حبان بإسناده قال : الماعون : المعروف كلّه ، حتّى ذكر القصعة والقدر والفأس». وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٣١٣ : «هو في الجاهليّة كلّ منفعة وعطيّة ، والماعون في الإسلام الطاعة والزكاة».