تفسير سورة المجادلة ، وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها). كان طلاق أهل الجاهليّة ظهارا ؛ يقول الرجل : أنت عليّ كظهر أمّي.
وكانت خويلة (١) بنت ثعلبة تحت أوس بن الصامت فظاهر منها. فأتت النبيّ عليهالسلام فقالت : يا رسول الله ، إنّه حين كبرت سنّي ظاهر منّي زوجي ، فلم يجر عليها (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا ، فأنزل الله آية الظهار.
وفي تفسير الكلبيّ : إنّ من قولها لرسول الله عليهالسلام : فهل من شيء يجمعني وإيّاه يا رسول الله؟ فقال لها : ما أمرت فيك بشيء ، ارجعي إلى بيتك فإن يأتني شيء أعلمتك به (٣). فلمّا خرجت من عنده رفعت يديها إلى السماء تدعو الله فأنزل الله : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها).
قال : (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) : أي كذبا حيث يقول : أنت عليّ كظهر أمّي ، يحرّم ما أحلّ الله. قال : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (٢).
قوله : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) : أي يعودون إلى ما حرّموا ، أي : يريدون الوطء (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ
__________________
(١) كذا ورد اسم هذه الصحابيّة في ق وع وز : «خويلة» بالتصغير. وكذلك ذكرها الطبريّ في تفسيره مرّات ، وأثبتها القرطبيّ كذلك. وأغلب كتب التفسير تذكرها باسم خولة ، وذكرها الفرّاء في المعاني ص ١٢٨ باسم خولة. وقال ابن عبد البرّ في الاستيعاب ، ج ٤ ص ١٨٣٠ : «خولة بنت ثعلبة ، ويقال : خويلة ، وخولة أكثر». وانظر الواحدي ، أسباب النزول ، ص ٤٣٣ ـ ٤٣٥.
(٢) كذا في ع : «فلم يجر عليها» وهو الصحيح ، وفي ق : «فلم يجز اليها».
(٣) أخرجه الطبريّ بأسانيد في تفسيره ، ج ٢٨ ص ٣ عن ابن عبّاس. والقصّة مشهورة في كتب التفسير ، انظر مثلا : تفسير القرطبيّ ، ج ١٧ ص ٢٦٩ ـ ٢٧٢.