تفسير سورة الجنّ ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) : هؤلاء من جنّ نصيبين ، من الذين قال الله عزوجل عنهم للنبيّ عليهالسلام : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) [الأحقاف : ٢٩]. (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) : أي إلى الهدى (فَآمَنَّا بِهِ) : أي فصدّقناه. (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) (٢) : أي آمنوا به ، وكانوا قبل ذلك ـ فيما بلغنا ـ على اليهوديّة. وقد قالوا في سورة الأحقاف : (إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣٠) [الأحقاف : ٣٠]. قال الكلبيّ : كانوا سبعة.
قال عزوجل : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) : أي عظمته وكبرياؤه (١) (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) (٣).
قال : (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) : أي سفيه الجنّ ، وهو المشرك (٢).
(عَلَى اللهِ شَطَطاً) (٤) : أي جورا وكذبا ؛ أي : شركة (٣). (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) (٥).
قال : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ) : هذا قول الله عزوجل في تفسير الحسن. قال : يقلبون عليهم وسوستهم في الضلال (٤) (فَزادُوهُمْ) بإقبالهم (٥) عليهم
__________________
(١) كذا في ز ، وهو الأصحّ ، وفي ق وع : «ذكر ربّنا». وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٧٢ : «علا ملك ربّنا وسلطانه». وفي رواية للفرّاء وللطبريّ عن مجاهد قال : «جلال ربّنا». ورجّح الطبريّ من هذه الأقوال قول من قال : «تعالت عظمة ربّنا وقدرته وسلطانه».
(٢) كذا في ق وع ، وفي ز ، وفي بعض التفاسير : «هو إبليس» ، كما ذهب إليه قتادة ومجاهد.
(٣) كذا في ق وع : «شركة» ، ولا أرى لها وجها إلّا أن تكون بمعنى الشرك.
(٤) كذا في ق وع : «يقلبون عليهم وسوستهم في الضلال» ، ولم ترد العبارة في ز ، ولم أر لها وجها أطمئنّ إليه ، وهي غير واردة في ز ولا في تفسير الطبريّ وغيرهما.
(٥) في ق وع : «بقبولهم» والصواب ما أثبتّه.