تفسير سورة حم عسق ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (حم (١) عسق) (٢) : كان بعضهم يقول في هذه الحروف وأشباهها : ذكر الحروف من الاسم من أسماء الله ، ثمّ ذكر الحروف من الاسم في موضع آخر ، ثمّ ذكر تمام ذلك الاسم من حرف آخر حتّى صار اسما ، مثل قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : (الر) ، و (حم) ، و (ن) : الرحمن.
وقال بعضهم : ذكر الحروف من الاسم فجعله اسما ، كقوله : (كهيعص) : كاف ، هاد ، عالم ، صادق. وقوله : (يس) : يا إنسان ، والسين حرف من اسم الإنسان. وكان الحسن يقول في أشباه ذلك : ما أدري ما تفسيره ، غير أنّ قوما من السلف كانوا يقولون : أسماء السور ومفاتيحها.
قال : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) : أي : هكذا يوحي إليك كما أوحى إلى الذين من قبلك من الأنبياء ؛ كقوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) [النساء : ١٦٣](اللهُ الْعَزِيزُ) في نفسه ، (الْحَكِيمُ) (٣) في أمره.
قوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ) : أي فلا أعلى منه.
(الْعَظِيمُ) (٤) فلا أعظم منه.
قوله : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) : أي يتشقّقن ، وهي تقرأ أيضا : (يَتَفَطَّرْنَ) ، أي : ينشققن (مِنْ فَوْقِهِنَّ) : أي من مخافة من فوقهنّ ، وهو الله تبارك وتعالى. وبلغنا أنّ ابن عبّاس كان يقرأها : يكاد السماوات ينفطرن ممّن فوقهنّ.
قال : (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) : أي من المؤمنين ؛ كقوله في حم المؤمن : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر : ٧](أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٥).
قوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) : [يعني آلهة] (١) يتولّونهم ، أي : يعبدونهم من
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٠٩.