تفسير سورة النازعات ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) (١) : عن عليّ بن أبي طالب قال : هي النجوم تنزع من المشرق وتغرق في المغرب. وهو تفسير الحسن.
ذكروا عن محمّد بن عليّ (١) قال : هي الملائكة تنزع أنفس بني آدم. قال سفيان : وبعضهم يقول : هي النجوم. وقال بعضهم : هي بقر الوحش.
قوله عزوجل : (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) (٢) : تفسير الحسن : إنّها النجوم تنشط من مطالعها إلى مغاربها. عن عثمان قال : حدّثني من سمع محمّد بن عليّ يقول : هي الملائكة تنشط أنفس بني آدم (٢).
ذكروا عن الأرمز (٣) بن عبد الله الأزديّ قال : إنّ ملك الموت ينشط نفس الكافر نشطا مثل السفود ذي السعة من حمل العصعه (٤) لا يبقى عرق ولا عصب إلّا اتّبعها.
قال : (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) (٣) : يعني النجوم ، كقوله : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣) [الأنبياء : ٣٣] أي : يدورون كما يدور فلك المغزل.
__________________
(١) لم أجد من المفسّرين الأوائل من اسمه محمّد بن عليّ غير أبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ الباقر. وأغلب ظنّي أنّه المقصود هنا ، فقد كان من فقهاء المدينة ومن ذوي الحسب والعقل الراجح فيهم ، وتوفّي سنة ١١٤ هجريّة. انظر الداودي ، طبقات المفسّرين ، ج ٢ ص ١٩٨.
(٢) كذا ورد هذا القول في ق وع ، دون ز ، وأورده القرطبيّ في تفسيره ، ج ١٩ ص ١٩١ هكذا : «وقيل : هي الوحش ، تنزع من الكلأ وتنفر ، حكاه يحيى بن سلّام ، ومعنى (غَرْقاً) أي : إبعادا في النزع». وأورده ابن الجوزيّ في زاد المسير قولا سادسا للنازعات ، فقال : «إنّها الوحوش تنزع وتنفر ، حكاه الماوردي». وأورده الطبريّ قولا في (النَّاشِطاتِ نَشْطاً) فقال : «وبقر الوحش أيضا تنشط ... لأنّها تنشط من بلدة إلى بلدة». ولم ينسب من روى هذا القول إلى قائله الأوّل ، ولكنّهم اكتفوا بذكر من حكاه.
(٣) كذا وردت هذه الكلمة في ق «الأرمز» ، وفي ع : «الأمر» ، ولم أوفّق لتحقيق هذا الاسم.
(٤) وردت هذه العبارة هكذا مضطربة غامضة في بعض كلماتها فلم أتمكّن من تصحيحها. وجاءت العبارة في الدرّ المنثور هكذا : «تنشط نشطا عنيفا مثل سفود في صوف». وفي بعض التفاسير : «في صوف مبتلّ».