تفسير سورة قريش (١) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) (٢) : وإيلافهم تعوّدهم رحلة الشتاء والصيف. وقال مجاهد : إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ، ولا صيف.
وتفسير الكلبيّ : كانت قريش قد تعوّدت رحلتين فصليّتين (٢) : إحداهما في الشتاء ، والأخرى في الصيف للميرة ، فمكثوا بذلك زمانا حتّى اشتدّ العسر ، ثمّ أخصبت تبالة وجرش. وهما على شاطئ البحر من اليمن ؛ فحمل أهل الساحل إلى مكّة في البحر ، ثمّ حمل أهل اليمن على الإبل. فنزل أهل الساحل بجدّة ، ونزل أهل اليمن بالمحصبة (٣). فامتار أهل مكّة ما شاءوا ، وكفاهم الله الرحلتين.
قال بعضهم : كانت رحلة الشتاء إلى اليمن لأنّها حارّة ، وأخرى إلى الشام في الصيف لأنّها باردة.
قال تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) : وهو ما كان أصابهم من الشدّة.
(وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (٤) وهو الأمن الذي كان فيه أهل الحرم ، وأهل الجاهليّة يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا وهم آمنون ممّا فيه العرب.
* * *
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز : «سورة (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ).
(٢) في ق : «فلصطين» ، وفي ع : «فلسطين». ولا معنى لهما ، وفيهما تصحيف ولا شكّ ، فأثبتّ ما يناسب المعنى.
(٣) في ق : «المحصنة» ، وفي ع : «المحصه» ، ولم أهتد لتحديد هذا المكان ، ولم ترد الكلمة في معجم البلدان لياقوت ، وأغلب ظنّي أنّه المحصّب ، وهو موضع معروف بين مكّة ومنى وهو إلى منى أقرب ، وجعله بعض الشعراء من منى.