تفسير سورة الإنسان ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (هَلْ أَتى) : أي قد أتى (عَلَى الْإِنْسانِ) : يعني آدم (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (١) : أي في الخلق ، وهو عند الله مذكور أنّه خالقه ؛ لأنّه خلق الأشياء كلّها ؛ صغارها وكبارها ، ما يرى منها وما لا يرى من دوابّ الأرض والبحر والبرّ والهوامّ والسباع ، يعني أصول الخلق في الأيّام الستّة التي خلق الله فيها السماوات والأرض ، غير آدم خلقه الله يوم الجمعة ، آخر الأيّام السبعة (١).
ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أخذ تبنة من الأرض فقال : يا ليتني كنت هذه التبنة ، ويا ليت أمّي لم تلدني ، يا ليتني كنت نسيا منسيّا ، يا ليتني لم أكن شيئا مذكورا.
وذكروا أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) فرفع صوته وقال : يا ليتها تمّت (٢).
قال : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) : يعني نسل آدم (أَمْشاجٍ) : تفسير الحسن : يعني مشج (٣) ماء الرجل بماء المرأة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة أصفر رقيق ، فمن أيّهما سبق ، أو قال : علا ، فمنه يكون الشبه (٤).
قال تعالى : (نَبْتَلِيهِ) : أي نختبره. قال : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) : أي : بصّرناه سبيل الهدى وسبيل الضلالة كقوله عزوجل : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠)
__________________
(١) كذا في ق وع : «آخر الأيّام السبعة» ، وفي ز : «آخر الأيّام الستّة».
(٢) في ق وع : «يا ليتي متّ قبل هذا» ، والصواب ما أثبتّه من ز ، ورقة ٣٨٠. وقال أبو عبيدة : «ويحقّق قول أبي بكر : ليتها كانت تمّت فلم نبتل».
(٣) أي : خلط. وقال ابن عبّاس : ماء الرجل والمرأة حين يختلطان.
(٤) حديث صحيح أخرجه أحمد وأخرجه مسلم في كتاب الحيض ، باب بيان صفة منيّ الرجل والمرأة ، وأنّ الولد مخلوق من مائهما ، عن ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، من حديث طويل (رقم ٣١٥). وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها ، باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ، عن أنس ، (رقم ٦٠١).