تفسير سورة الغاشية ، وهي مكّيّة كلّها (١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) (١) تفسير الحسن : الغاشية : القيامة تغشى الناس بعذابها وعقابها. وتفسير الكلبيّ : الغاشية غاشية النار.
قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) (٢) : أي ذليلة ، يعني وجوه أهل النار.
(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً) (٤) : أي حارّة. كقوله عزوجل : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٤٤) [الرحمن : ٤٤] ؛ فهم في عناء وفي معالجة السلاسل والأغلال. وكان ابن عبّاس يقرأ هذه الآية في حم : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ) [غافر : ٧١ ـ ٧٢] وكان يقول : إذا سحبوها فهو أشدّ عليهم.
قال تعالى : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٥) : قال الحسن : أنى حرها (٢) فاجتمع. قد أوقد عليها منذ خلق الله السماوات والأرض. وقال بعضهم : الآني الذي قد انتهى حرّه. وقال مجاهد : بلغ أناها وحان شربها.
وقال تعالى : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) (٦) : تفسير مجاهد : الضريع : اليابس. وقال الكلبيّ : هو الشبرق الذي ينبت في الربيع تأكله الإبل أخضر ؛ فإذا كان في الصيف يبس فلم تذقه ، يدعى بلسان قريش : الضريع ؛ فإذا كان عليه ورقه فهو الشبرق ، وإذا تساقط عنه ورقه فهو الضريع.
قال عزوجل : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (٧) : وبلغنا عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يسلّط على أهل النار الجوع حتّى يعدل جوعهم ما بهم من العذاب. قال فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة (٣).
قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (٨) : فهؤلاء أهل الجنّة. (لِسَعْيِها) : أي : لعملها
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز ورقة ٣٩١ : «تفسير سورة (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ).
(٢) في ق وع : «آن حرها» ، والصحيح ما أثبتّه : «أنى» أي انتهى حرّها وبلغ غايته.
(٣) أخرجه ابن مردويه عن أبي الدرداء ، كما في الدرّ المنثور ، ج ٢ ص ٣٤٢.