تفسير سورة والطارق ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٣) : أي المضيء ، كقوله : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١٠) [الصافّات : ١٠] أي مضيء.
وقال مجاهد : يتوهّج. والنجم في هذا الموضع جماعة النجوم ، يعني النجوم المضيئة. وهذا قسم.
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) : وهي تقرأ على وجهين : (لما) مخفّفه و (لَمَّا) مثقّلة ؛ فمن قرأها بالتخفيف فهو يقول : لعليها حافظ [وما صلة] (١) ومن قرأها بالتثقيل فهو يقول : إلّا عليها حافظ. وتفسير حافظ يعني حافظا من الملائكة يحفظ عليها عملها.
قال : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) (٦) : يعني النطفة (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧) : أي من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهو نحرها (٢).
(إِنَّهُ) : أي إنّ الله (عَلى رَجْعِهِ) : أي على أن يبعثه بعد موته (لَقادِرٌ) (٨) : وبعضهم يقول : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ) أي على رجع ذلك ، أي النطفة ، في الإحليل لقادر.
قوله : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٩) : أي تختبر وتظهر ، يعني سرائر القلوب. وهو قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٧٢) [الأحزاب : ٧٢].
ذكروا أنّ ابن أسلم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ائتمن الله ابن آدم على ثلاث : على الصلاة ، ولو شاء قال : صلّيت ، وعلى الصوم ، ولو شاء قال : صمت ، وعلى الاغتسال من الجنابة ، ولو شاء قال : قد اغتسلت. ثمّ تلا هذه الآية : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٣).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٩٠ ، بمعنى زائدة.
(٢) الترائب جمع تريبة ، وقد أحسن الفرّاء تعريفها فقال : «وهو ما اكتنف لبات المرأة ممّا يقع عليه القلائد».
(٣) انظر الإشارة إليه فيما سلف ج ٣ ، تفسير الآية ٧٢ من سورة الأحزاب.