تفسير سورة الملك ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (تَبارَكَ) : وهو من باب البركة ، كقوله : (تَعالى) وهو من العلوّ. (الَّذِي بِيَدِهِ) : أي في يده.
(الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) : أي الذي لا يعجزه شيء.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). ذكروا عن الأعمش عن أبي سفيان عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يؤتى بملك الموت يوم القيامة في صورة كبش أملح ، فيجعل على سور بين الجنّة والنار ، ثمّ ينادي مناد : يا أهل الجنّة ويا أهل النار ، هل تعرفون هذا؟ هذا الموت ، فيقولون : نعم ، فيذبح على السور وهم ينظرون إليه. ثمّ يقال : يا أهل الجنّة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، وكلّ خالد فيما هو فيه (١).
قوله عزوجل : (لِيَبْلُوَكُمْ) أي : ليختبركم (أَيُّكُمْ ، أَحْسَنُ عَمَلاً). قال : (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في نقمته (الْغَفُورُ) (٢) لمن تاب وآمن.
قوله عزوجل : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) : أي بعضها فوق بعض ، غلظ كلّ سماء كما فسّرناه قبل هذا (٢). وما بينهما كذلك ، وهو كقوله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) [سورة المؤمنون : ١٧].
قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) : أي من اختلاف ، وهي مستوية كلّها ، كقوله عزوجل : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) (٧) [الذاريات : ٧].
والحبك : استواؤها وحسنها.
__________________
(١) هذا حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير ، سورة مريم ، وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب النار يدخلها الجبّارون والجنّة يدخلها الضعفاء ، (رقم ٢٨٥٠) ، كلاهما يرويه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. وانظر الإشارة إليه فيما مضى ، ج ٣ ، تفسير الآية ٣٩ من سورة مريم.
(٢) انظر ما مضى قريبا في هذا الجزء ، تفسير الآية ١٢ من سورة الطلاق.