تفسير سورة عمّ يتساءلون ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) (١) : يعني المشركين ، أي : ما الذي يتساءلون عنه. ثمّ قال عزوجل : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢) : أي البعث (١) ، وذلك منهم تكذيب واستهزاء. قال عزوجل : (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) (٣) : يعني البعث اختلف فيه المشركون والمؤمنون ، فآمن به المؤمنون وكفر به المشركون.
قال عزوجل : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) (٥) : وهذا وعيد من الله للمشركين ، ووعيد بعد وعيد.
ثمّ قال : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) (٦) : مثل قوله عزوجل : (فِراشاً) و (بِساطاً). قال : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) (٧) : أي أوتادا للأرض.
قال : (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) (٨) : أي ذكرا وأنثى. قال : (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) (٩) : أي نعاسا (٢). (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) (١٠) : أي سترا يغطّي الخلق فيسكنون فيه (٣). (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) (١١) : أي يطلبون فيه أرزاقهم ومعايشهم.
قال : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (١٢) : وهي السماوات ، وهي أشدّ من خلق الناس. قال تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) (٢٧) إلى قوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣٠) [النازعات : ٢٧ ـ ٣٠]. قال عزوجل : (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) (١٣) : يعني الشمس. وتفسير الكلبيّ : (وَهَّاجاً) : أي مضيئا. وتفسير الحسن : حرّ الشمس وهجها.
__________________
(١) وذكر بعض المفسّرين أنّ الذي اختلفوا فيه إنّما هو القرآن ؛ ووجه اختلافهم فيه أنّهم قالوا : هو سحر ، وقالوا : هو شعر ، وقالوا : أساطير الأوّلين. وفي تفسير مجاهد ، ص ٧١٩ : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) ، يعني القرآن».
(٢) كذا في ق ، وع ، وز : «نعاسا» ، وأصحّ منه تأويلا ما ورد في بعض التفاسير : «راحة وقطعا للأعمال» ، لأنّ أصل معنى السبت الراحة والدعة والسكون.
(٣) في ق وع : «أي سكنا لبعض الخلق ، أي يسكنون فيه» ، وما أثبتّه من ز ورقة ٣٨٣ أدقّ تعبيرا وأوضح معنى.