تفسير سورة الواقعة ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١) : أي إذا قامت القيامة. (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٢) : أي هي كائنة لا شكّ فيها ، ليس في مجيئها تكذيب (١). (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) : أي خفضت أقواما إلى النار فلا يرتفعون أبدا ، ورفعت أقواما إلى الجنّة فلا ينزلون أبدا.
قال تعالى : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤) : كقوله : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (١) [الزلزلة : ١] أي : يوم القيامة. وقال مجاهد : (رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) زلزلت الأرض زلزالا وحرّكت تحريكا.
قال تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥) : أي كما يبسّ السويق (٢).
وقال مجاهد : فتّتت فتّا. قال تعالى : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٦) : الهباء الغبار الذي يدخل من الكوّة من شعاع الشمس (مُنْبَثًّا) أي : منثورا متفرّقا. وتفسير الحسن : فكانت غبارا ذاهبا.
قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) (٧) : أي أصنافا ثلاثة ، أي : مؤمنا ومنافقا ومشركا (٣). وهي كقوله : (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [الأحزاب : ٧٣]. وكقوله في الآية التي في سورة فاطر : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، سقط هذا ، وهو المنافق ، (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٢١ : «يقول : ليس لها مردودة ولا ردّ. فالكاذبة هاهنا مصدر ، مثل : العاقبة والعافية».
(٢) بسّ السويق يبسّه بسّا : إذا خلطه بسمن أو زيت ، والبسّ يكون للسويق وللدقيق أو الإقط الطحون ، والبسّ أشدّ من اللتّ بللا. والاسم منه : البسيسة.
(٣) هذا التفسير مخالف لما جاء في سورة فاطر ، الآية : ٣٢ حسبما تأوّله المؤلّف هناك في حديث أبي الدرداء ، وكأنّي بهذا التأويل هنا من زيادات الشيخ هود الهوّاريّ. وهو غير وارد في ز. انظر ما مضى من هذا التفسير ، ج ٣ ، تفسير آية فاطر. والمحقّقون من المفسّرين يرون أنّ الذين أورثهم الله الكتاب ممّن اصطفاهم هم من أصحاب الجنّة.