تفسير سورة النجم ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) : أي والوحي إذا نزل ، في تفسير ابن عبّاس. ذكروا عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : نزل القرآن إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ؛ ثمّ جعل بعد ذلك ينزل نجوما : ثلاث آيات ، وأربع آيات ، وخمس آيات ، وأقلّ من ذلك وأكثر ؛ ثمّ تلا هذه الآية : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥) [الواقعة : ٧٥].
وقال بعضهم : الثريّا إذا غابت. وتفسير الحسن : يعني الكواكب إذا انتثرت. والنجم جماعة النجوم ، كقوله عزوجل : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقّة : ١٧] يعني جماعة الملائكة. وكقوله : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) [النور : ٤١] يعني جماعة الطير. وقوله : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) قسم أقسم به.
(ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٢) : أي محمّد. (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ) : إنّ القرآن الذي ينطق به محمّد (إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤).
(عَلَّمَهُ) : أي علّم محمّدا (شَدِيدُ الْقُوى) (٥) : أي جبريل ، شديد الخلق. (ذُو مِرَّةٍ) : وهو من شدّة الخلق أيضا.
وتفسير الحسن : استمرّ على أمر الله (١).
قال تعالى : (فَاسْتَوى) (٦) : أي : استوى جبريل عند محمّد. أي : رآه في صورتة. (وَهُوَ
__________________
(١) كذا في ق وع : «استمر على أمر الله» ، ولم أجد هذا المعنى تأويلا لقوله تعالى (ذُو مِرَّةٍ) فيما بين يديّ من كتب التفسير ، فهل هو ممّا انفرد بروايته ابن سلّام؟ أم أنّ في العبارة سقطا أو خطأ من النسّاخ؟ والتفسير المشهور لقوله تعالى : (ذُو مِرَّةٍ) هو ما ذكره المؤلّف أوّلا ، وهو ما ذهب إليه جمهور المفسّرين. قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٣٦ : (ذُو مِرَّةٍ) : ذو شدّة وإحكام ، يقال : حبل ممرّ ، أي : مشدود». وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٤٢٧ : (ذُو مِرَّةٍ) أي : ذو قوّة ، وأصل المرّة الفتل». وقال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٤ ص ٤١٧ : (ذُو مِرَّةٍ) : ذو حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه». وهذا القول الأخير نسب أيضا لقطرب ، انظر : تفسير القرطبيّ ، ج ١٧ ص ٨٦. أمّا ما ذكر في بعض التفاسير منسوبا إلى الحسن من أنّ قوله تعالى : (شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ) هو الله عزوجل فهو قول خالف به الحسن جمهور المفسّرين.