تفسير سورة الطور ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (وَالطُّورِ) (١) : أي الجبل.
(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) (٢) : أي مكتوب. (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) (٣) : تفسير الحسن : إنّه القرآن في أيدي السفرة. ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : سألت كعباس عن (رَقٍّ مَنْشُورٍ) فقال : ينزل من السماء السابعة فيكتب فيه اسم المؤمن ثمّ يرفع ، وهو كتاب يكتب في الرقّ ثمّ يصعد به ، يشهده المقرّبون ، أي يشهدون كتابه في الرقّ. قال بعضهم : أظنّه عمل المؤمن. وقال مجاهد : هو رقّ منشور ، صحيفة.
ذكروا عن عون بن عبد الله قال : من قال : سبحان الله وبحمده كتب في الرقّ ثمّ ختم عليها ، ثمّ رفعت إلى يوم القيامة. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : كلّ ميت يختم على عمله إلّا الذي يموت مرابطا في سبيل الله فإنّه يجري عليه ما كان الرباط (١).
قال : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) (٤) : ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثا عن ليلة أسري به ، فكان في حديثه فيما رأى في السماء السابعة قال : ثمّ رفع لنا البيت المعمور فإذا هو بحيال الكعبة ، يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة ، إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم (٢).
ذكروا عن ابن عبّاس قال : البيت المعمور في السماء السابعة حيال الكعبة يحجّه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يعودون فيه حتّى تقوم الساعة ، يسمى الضّراح (٣).
__________________
(١) حديث صحيح ، أخرجه أحمد ، وأخرجه الترمذيّ في كتاب الجهاد ، باب ما جاء في فضل من مات مرابطا. وفيه : «فإنّه ينمى له عمله إلى يوم القيامة» ، من حديث فضالة بن عبيد. قال : «وسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : المجاهد من جاهد نفسه». وقال الترمذيّ : حديث فضالة بن عبيد حديث حسن صحيح. وأخرج حديث فضالة بن عبيد هذا أبو داود في كتاب الجهاد ، باب فضل الرباط ولفظه : «كلّ الميّت يختم على عمله إلّا المرابط ، فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتّان القبر». (رقم ٢٥٠٠).
(٢) أخرجه أحمد من حديث أنس بن مالك ، وأخرجه البخاريّ ومسلم من حديث مالك بن صعصعة.
(٣) جاء في اللسان : «الضّراح : بيت في السماء مقابل الكعبة في الأرض ... وهو البيت المعمور ، من الضارحة وهي المقابلة والمضارعة».