قال : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) : أي من السماوات (١) وبعضهم يقول : من السحاب (٢). (ماءً ثَجَّاجاً) (١٤) : أي ماء منصبّا ؛ ينصبّ بعضه على بعض. (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا) : أي البرّ والشعير (وَنَباتاً) (١٥) : أي من كلّ شيء. قال عزوجل : (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦) : أي ملتفّة. وقال الكلبيّ : (أَلْفافاً) ، أي : ألوانا.
قال : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) : أي يوم القضاء ، وهو يوم القيامة (كانَ مِيقاتاً) (١٧) : أي يوافونه كلّهم. (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) : وهي النفخة الأخيرة (فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (١٨) : أي أمّة أمّة. (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (١٩) : أي منشقّة.
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) (٢٠) : أي مثل السراب ، تراه وليس بشيء.
قال عزوجل : (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) (٢١) : أي هي رصد دون الجنّة [أي : ترصد من حقّ عليه العذاب] (٣). والصراط عليها ، فمن كان من أهلها هوى فيها ، ومن لم يكن من أهلها حاد عنها إلى الجنّة. قال الحسن : كان الرجل يلقى أخاه فيقول : أما علمت أنّ جهنّم على الرصد؟ يعني أنّ جهنّم كانت مرصادا. قال الحسن : والله لقد أدركت أقواما ما جعل أحدهم بينه وبين الأرض فراشا حتّى لحق بالله إلّا كساءه ، بعضه تحته وبعضه فوقه. ولقد أدركت أقواما إن كان أحدهم ليعرض له المال الحلال فلا يأخذه ولا يعرض له ، خشية أن يكون هلاكه فيه. وإنّ كان الرجل ليلقاه أخوه فيحسب أنّه مريض ، وما به من مرض إلّا أنّ القرآن قد أرقّه. وكان الرجل يلقى الرجل فيقول : أخي ، أتاك أنّك وارد جهنّم؟ فيقول : نعم. فيقول : أتاك أنّك صادر عنها؟ فيقول : لا. فيقول : ففيم البطاء إذا (٤).
__________________
(١) كذا ورد اللفظ في ق وع «السماوات» ، وهو قول نسب إلى أبيّ بن كعب والحسن وابن جبير ، وفي ز : «ن الرياح» ، وهو قول نسب إلى ابن عبّاس ، وقاله مجاهد وعكرمة وقتادة. وهو أنسب.
(٢) رجّح الطبريّ هذا القول. وروي أيضا عن ابن عبّاس والربيع والضحّاك. وذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٥٠٨ فقال : «يقال شبّهت بمعاصير الجواري. والمعصر : الجارية التي دنت من الحيض». وانظر ابن عاشور ، التحرير والتنوير ، ج ٣٠ ص ٢٥.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٤.
(٤) ما أحسن ما قاله الحسن البصريّ ، وما أصدقه! إنّه ممّا يليّن القلوب ، ويزهّد في الدنيا ، ويرغّب فيما عند الله ، فيا ليتنا نتّعظ ونعتبر!.