يبتدئ فيقول : (الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) (٣٧). وقوله عزوجل : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) أي : مخاطبة في تفسير الحسن. وبعضهم يقول : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) ، أي : كلاما. كقوله عزوجل : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [هود : ١٠٥].
وقال في هذه الآية : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ) : [أي : لا يشفعون] (١) (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٣٨) : أي قال صوابا في الدنيا. وهو قول لا إله إلّا الله. وقوله : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) قال الحسن : يوم يقوم روح كلّ شيء في جسده (٢).
قال عزوجل : (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) (٣٩) : أي مرجعا ، أي : بعمل صالح. وقال في آية أخرى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الإنسان : ٣٠].
قوله عزوجل : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) : ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّما مثلي ومثل الساعة كهاتين ، فما فضل إحداهما على الأخرى ؛ فجمع بين أصبعيه الوسطى والتي يقال لها السبّابة (٣).
قال : (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ) : أي المؤمن (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) : أي ينظر إلى ما قدّمت يداه من عمل صالح (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٤٠). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أوّل ما يدعى إلى الحساب يوم القيامة البهائم ، فتجعل الجمّاء قرناء ، والقرناء جمّاء ، فيقتصّ لبعضهم من بعض حتّى تقتصّ الجمّاء من القرناء ، ثمّ يقال لها : كوني ترابا. فعند ذلك يقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٤).
* * *
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٤.
(٢) هذا وجه من وجوه تأويل الروح في هذه الآية ، وقيل : الروح هنا هو جبريل عليهالسلام ، وقيل غير ذلك.
انظر اختلاف المفسّرين في الروح في تفسير القرطبيّ ، ج ١٦ ص ١٨٦ ـ ١٨٧.
(٣) انظر الإشارة إليه فيما سلف ، ج ٣ ، تفسير الآية الأولى من سورة الأنبياء.
(٤) أخرجه الطبريّ بسند من حديث أبي هريرة ، كما جاء في تفسيره ، ج ٣٠ ص ٢٦.