(رَهَقاً) (٦) : أي ضلالا إلى ضلالهم. وتفسير الكلبيّ أنّ رجالا من الإنس كان أحدهم في الجاهليّة إذا كان مسافرا ، فإذا أمسى في الأرض القفر الموحشة نادى : أعوذ بسيّد هذا الوادي من سفهاء قومه ، فيمسي (١) في جواره وفي منعته حتّى يصبح ، (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) ، أي : إنّ الإنس زادت الجنّ لتعوّذهم بهم ، رهقا ، أي : إثما. قال مجاهد : فهم الجنّ الكفّار.
(وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا) : يعني المشركين من الجنّ (كَما ظَنَنْتُمْ) : يعني المشركين من الإنس (أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) (٧) : أي يجحدون البعث.
قوله : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) (٨) : هذا قول الجنّ ، يعنون من كان يفعل ذلك منهم ، وهم المردة من الجنّ. (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها) : أي من السماء (مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٩) : [أي : حفظة تمنع من الاستماع] (٢). وقوله : (لِلسَّمْعِ) أي للاستماع من الملائكة خبرا من أخبار السماء ؛ فأمّا الوحي فلم يكونوا يقدرون على أن يستمعوه. ذكروا عن أبي رجاء العطارديّ قال : كنّا قبل أن يبعث النبيّ عليهالسلام ما نرى نجما يرمى به. فبينما نحن ذات ليلة إذا النجوم قد رمي بها. فقلنا : ما هذا؟ إن هذا إلّا أمر حدث. فجاءنا أنّ النبيّ عليهالسلام قد بعث (٣). فأنزل الله تعالى هذه الآية في سورة الجن : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً).
قوله : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (١٠) : أي أراد الله بأهل الأرض أن يهلكهم ، أو أراد بهم رشدا ، أي : أم أحدث لهم منه نعمة وكرامة.
وقال بعضهم : قالوا : لا ندري أراد بهم أن يطيعوا هذا الرسول فيرشدهم ، أم يعصوه فيهلكهم.
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ) : [أي المؤمنون] (٤) (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) : [يعنون المشركين] (٥)
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز : «فيبيت» ، وهو أنسب.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٥ ، وفيها : «قال محمّد : الشهاب الرصد : الذي قد أرصد به للرجم».
(٣) من عادة ابن سلام أن يكرّر بعض الأخبار لأدنى مناسبة ، وقد روى هذا الخبر عن أبي رجاء العطارديّ عدّة مرّات في تفسيره ، آخرها في هذا الجزء ، تفسير الآية ٥ من سورة الملك.
(٤) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٥.
(٥) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٥.