(كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) (١١) : أي مختلفون : مؤمن ومشرك. وفي الجنّ مؤمنون ويهود ونصارى ومجوس وعبدة الأوثان وصابئون.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا) : أي علمنا (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) : أي أن لن نسبق الله في الأرض (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (١٢) : أي في الأرض حتّى لا يقدر علينا فيبعثنا يوم القيامة.
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى) : أي القرآن (آمَنَّا بِهِ) : أي صدّقناه (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً) : أي أن ينقص من عمله شيء.
(وَلا رَهَقاً) (١٣) : ولا يخاف أن يزاد عليه ما لم يعمل. وهي مثل قوله : (فَلا يَخافُ ظُلْماً) أي لا يخاف أن يزاد عليه في سيّئاته (وَلا هَضْماً) (١١٢) [طه : ١١٢] أي : ولا ينقص من حسناته.
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) : أي الجائرون ، وهم المشركون.
(فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) (١٤) : [أي : أصابوا رشدا] (١). (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (١٥).
قال الله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) : يعني المشركين ، لو استقاموا على الإيمان (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (١٦) : أي ماء رواء (٢). والماء عيش الناس ؛ به تنبت زروعهم ، وتعيش مواشيهم. وهو مثل قول هود لقومه : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي : من شرككم (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) [هود : ٥٢] وكقوله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف : ٩٦].
وكقول نوح لقومه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ، إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ ..). إلى آخر الآية [نوح : ١٠ ـ ١٢].
__________________
(١) زيادة من ز. وقال الفرّاء في المعاني : (تَحَرَّوْا رَشَداً) يقول : أمّوا الهدى واتّبعوه».
(٢) كذا في ق وع : «ماء رواء» وهو صحيح فصيح ، وهو الماء الكثير العذب. قال الجوهريّ في الصحاح : «ماء رواء ، بالفتح ممدود ، أي عذب ... وإذا كسرت الراء قصرته وكتبته بالياء وقلت : ماء روى. ويقال : هو الذي فيه للواردة ريّ». وانظر اللسان : (روى). وجاء في ز ورقة ٣٧٥ : (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) أي : لأوسعنا لهم من الرزق».