ذكروا عن ابن مسعود قال : ما قدّمت من خير أو شرّ ، وما أخرت من سنّة حسنة فعمل بها بعده ، فإنّ له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيئا ، أو سيّئة ولا ينقص من أوزارهم شيئا.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيّما داع دعا إلى هدى فاتّبع عليه كان له مثل أجر من تبعه ولا ينقص من أجره شيئا. وأيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع عليها كان عليه وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيئا (١). وتفسير الحسن : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) أي ينبّأ بآخر عمله وأوّل عمله.
قال : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤) : أي شاهد على نفسه أنّه كافر. قال : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥) : أي ولو اعتذر لم يقبل عذره.
قال مجاهد : ولو جادل عنها فهو بصيرة عليها (٢). وقال الكلبيّ : (عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) أي عليه من نفسه شاهد ، أي : يداه ورجلاه وسائر جوارحه ، يعني مثل قوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥) [يس : ٦٥].
قوله عزوجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (١٨).
ذكروا عن الحسن قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه القرآن يقرأه ويذيب فيه نفسه مخافة أن ينساه ، فأنزل الله : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) [أي نحن نحفظه عليك فلا تنساه] (٣) (فَإِذا قَرَأْناهُ) نحن (فَاتَّبِعْ) أنت (قُرْآنَهُ) يعني فرائضه وحدوده والعمل به (٤).
__________________
(١) انظر الإشارة إليه فيما سلف ج ٣ ، تفسير الآية ١٣ من سورة العنكبوت.
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٧٧ : (بَصِيرَةٌ) جاءت هذه الهاء في صفة الذّكر كما جاءت في راوية ، وعلّامة ، وطاغية».
(٣) سقط ما بين المعقوفين من ق وع ، فأثبتّه من ز ورقة ٣٨٠.
(٤) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٧٨ : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) اتّبع جمعه. (فَإِذا قَرَأْناهُ) : جمعناه ، وهي من قول العرب : ما قرأت هذه المرأة سلى قطّ. قال عمرو بن كلثوم : لم تقرأ جنينا».