وتفسير الكلبيّ أنّ النبيّ عليهالسلام إذا نزل عليه جبريل وعلّمه شيئا من القرآن لم يكد يفرغ جبريل من آخر الآية حتّى يتكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأوّلها مخافة أن ينساها فأنزل الله عليه (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [الأعلى : ٦ ـ ٧] ، وهو قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦] أي : ننسها النبيّ عليهالسلام فيما ذكر بعضهم.
قال : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١٩) : قال الحسن : نجزي به يوم القيامة ، أي : على ما قلنا في القرآن من الوعد والوعيد. وقال بعضهم : نحن نبيّنه لك.
قال عزوجل : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) (٢٠) : أي الدنيا (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٢١) : يعني المشركين ، أي : لا يؤمنون أنّها كائنة.
قال عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٢٢) : أي ناعمة.
(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣) : أي تنتظر الثواب ، وهي وجوه المؤمنين. وحدّثني مسلم الواسطيّ قال : سمعت أبا صالح يقول في قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : تنتظر الثواب من ربّها.
قال أبو صالح : ما رآه أحد ولا يراه أحد (١).
(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤) : أي كالحة ، وهذه وجوه أهل النار (تَظُنُّ) : أي تعلم (أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٢٥) : قال : تظنّ أن يفعل بها شرّ.
وقال مجاهد : تظنّ أن يفعل بها داهية. وتفسير الكلبيّ : (أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) أي : منكرة (٢).
قال تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (٢٦) : أي حتّى إذا بلغت النفس التراقي ، أي : سلّت
__________________
وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١١٢ : «إذا قرأه عليك جبريل عليهالسلام فاتّبع قرآنه ، والقراءة والقرآن مصدران ، كما تقول : راجح بيّن الرجحان والرجوح ، والمعرفة والعرفان ، والطواف والطوفان».
(١) ليس هذا القول للشيخ هود الهوّاريّ كما قد يتبادر إلى الذهن ، ولكنّه لابن سلّام ، وإن لم أتبيّن بالضبط من هو مسلم الواسطيّ هذا. وكانت عادة الشيخ هود أن يروي أقوال ابن سلّام بقوله : «قال بعضهم».
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٧٨ : «الفاقرة : الداهية ، وهو الوسم الذي يفقر على الأنف». وقال ابن أبي زمنين : «يقال : إنّها من فقار الظهر كأنّها تكسره ، تقول : فقرت الرجل : إذا كسرت فقاره».