من الرجلين حتّى بلغت الترقوتين. (وَقِيلَ مَنْ راقٍ) (٢٧) : أي من يرقى بعمله. وقال بعضهم : (مَنْ راقٍ) أي : من يرقيه (١).
قال عزوجل : (وَظَنَّ) : أي وعلم (أَنَّهُ الْفِراقُ) (٢٨) : أي فراق الدنيا. قال تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) (٢٩) : قال الحسن : مالت الرجلان وانكسرت العينان. قال تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ) : أي يوم القيامة. (الْمَساقُ) (٣٠) : قال الحسن : يساقون إلى الحساب.
قال تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٣١) : [أي : لم يصدّق ولم يصلّ] (٢) ، يعني أبا جهل بن هشام (وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣٢) : أي كذّب بكتاب الله وتولّى عن طاعة الله. (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣) : أي يتبختر.
وقال أبو جهل للنبيّ عليهالسلام : ما بين هذين الجبلين أحد أعزّ منّي ، فاجتهد أنت وربّك يا محمّد جهدكما. فأنزل الله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) : [وعيد بعد وعيد] (٣). فقتله الله يوم بدر ، ثمّ صيّره إلى النار.
قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) : أي المشرك. (أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٣٦) : أي هملا ، في تفسير الحسن وقال مجاهد : أن يترك باطلا فلا يبعث ولا يحاسب بعد موته. (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧) : وهي تقرأ على وجهين : (يُمْنى) و (تمنى) فمن قرأها (يُمْنى) ، ذلك المنيّ ، أي : منيّ الرجل ، كقوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) (٥٨) [الواقعة : ٥٨] ومن قرأها : (تمنى) فهو يعني النطفة يمنيها الرجل.
قال تعالى : (ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) (٣٨) : يعني خلق الإنسان. يعني بقوله : (فَخَلَقَ) يعني نفسه. أي : خلقه الله فسوّاه مثل قوله : (خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ) [الانفطار : ٧].
__________________
(١) فصّل الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢١٢ هذا الفرق بين المعنيين بعبارة أوضح فقال : «يقول : إذا بلغت نفس الرجل عند الموت تراقيه ، وقال من حوله : (مَنْ راقٍ)؟ هل من مداو؟ هل من راق؟ (وَظَنَّ) الرجل (أَنَّهُ الْفِراقُ) : علم أنّه الفراق ، ويقال : هل من راق إنّ ملك الموت يكون معه ملائكة ، فإذا أفاظ الميّت نفسه ، قال بعضهم لبعض : أيّكم يرقى بها؟ من رقيت إذا صعدت».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٠.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٠.