مجاهد : قد اقترب ، وقال الحسن : عيانا (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي ساء العذاب وجوههم (وَقِيلَ) : [لهم عند ذلك] (١) (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) (٢٧) (٢) : لقولهم : (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) [العنكبوت : ٢٩] استهزاء وتكذيبا.
قال الله تعالى : (قُلْ) يا محمّد (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ) : من المؤمنين ، وهذا على القدرة ، كقوله تعالى : (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [المائدة : ١٧] قال تعالى : (أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٨) : أي موجع. أي ليس لهم مجير يمنعهم من عذاب الله.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ) : أي صدّقنا به (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ) : أي يوم القيامة (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٩) : أي إنّكم أيّها المشركون في ضلال مبين. قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) : والغور : الذي لا يقدر عليه ، أي : لا تدركه الدلاء ، أي : قد غار في الأرض فذهب (٣). يعني أهل مكّة. وماؤهم فيما بلغنا زمزم وبئر ميمون (٤).
قال تعالى : (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٣٠) : أي لا أحد. والمعين : الظاهر. وتفسير الحسن : المعين أصله من العيون.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٦٨.
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٦٢ : (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أي : تدّعون به وتكذّبون وتردّون» ، وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٧١ : «يريد : تدّعون ، وهو مثل قوله : تذكرون وتذّكّرون ، وتخبرون وتختبرون ، والمعنى واحد. والله أعلم».
(٣) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : (أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أي : غائرا ، وصف بالمصدر ، يقال ماء غور ومياه غور ، ولا يجمع ولا يثنّى ولا يؤنّث ، كما يقال : رجل صوم ، ورجال صوم ، ونساء صوم». وانظر :
معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٧٢.
(٤) بئر ميمون : ذكرها ياقوت في معجمه ولم يزد على أن قال : «بمكّة» ، ولم يحدّد موقعها. وقد ذكرها الطبريّ في تاريخه عدّة مرّات. وذكر ابن قتيبة في المعارف ص ٢٨٣ أنّها بأبطح مكّة ، وزاد البكريّ في معجم ما استعجم ص ١٢٨٥ : «بين البيت والحجون». وإنّما نسبت إلى ميمون لأنّ الذي حفرها في الجاهليّة هو ميمون الحضرميّ ، ولم ترو له صحبة. أمّا أخوه العلاء بن الحضرميّ فقد أسلم وحسن إسلامه ، فولّاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم البحرين ، وتوفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو واليها. وأقرّه على ذلك أبو بكر فعمر رضي الله عنهما ، وتوفّي في خلافة عمر سنة أربع عشرة للهجرة.