قوله تعالى : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) : على الاستفهام. أي : لا أحد. يقول : إنّ هذه الأوثان التي تعبدونها ليست بالتي ترزقكم. قال : (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ) : أي من العتوّ ، وهو الشرك (١) (وَنُفُورٍ) (٢١) : أي عن الإيمان. وقال مجاهد : أي : وكفور ، وهو واحد (٢).
قال تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) : أي : لا يبصر موضع قدميه ، وهذا مثل الكافر. أي : هو أعمى عن الهدى (أَهْدى) : أي هو أهدى (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢٢) : أي عدلا مهتديا يبصر حيث يسلك ، على طريق مستقيم ، وهو الطريق إلى الجنّة. وهذا مثل المؤمن ، أي : المؤمن أهدى من الكافر. قال تعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) : أي خلقكم (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٢٣) : أي أقلّكم من يشكر ، أي : أقلّكم المؤمن.
(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) : أي خلقكم في الأرض (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٢٤) : أي يوم القيامة (٣).
قال : (وَيَقُولُونَ) : يعني المشركين (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥).
قال الله لنبيّه عليهالسلام (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ) : أي علم الساعة. أي : متى الساعة؟ لا يعلم قيامها إلّا هو (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ) : أي أنذركم عذاب الله (مُبِينٌ) (٢٦) : أي أبيّن لكم عن الله.
قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ) : يعني العذاب (زُلْفَةً) : أي قريبا ، في تفسير الكلبيّ. وقال
__________________
(١) كذا في ق وع وفي ز : «وهو الشرك». والحقّ أنّ لفظ العتوّ يفيد معنى الطغيان والتكبّر والتجبّر. وفي مفردات الراغب : «العتوّ : النبوّ عن الطاعة».
(٢) وقال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٤ ص ٥٨١ : «بل تمادوا في عناد وشراد عن الحقّ لثقله عليهم فلم يتّبعوه». (٣) قال الراغب الأصبهانيّ : «الذرء : إظهار الله تعالى ما أخفاه. يقال : ذرأ الله الخلق ، أي : أوجد أشخاصهم». وقال ابن قتيبة في قوله تعالى من سورة الأعراف ، آية ١٧٩ : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) أي : خلقنا لجهنّم ، ومنه ذرّيّة الرجل ؛ إنّما هي الخلق ، ولكنّ همزها يتركه أكثر العرب. وانظر : ابن قتيبة تفسير غريب القرآن ، ص ١٧٥.